للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم ما الحاصل له على هذا الاختفاء وظهوره أعظم لأجره وأعلى في مرتبته وأظهر لمعجزته. ثم لو كان باقيا بعده لكان تبليغه عن رسول الله الأحاديث النبويّة والآيات القرآنية وإنكاره لما وقع من الأحاديث المكذوبة والروايات المقلوبة والآراء البدعية والاهواء العصبية وقتاله مع المسلمين في غزواتهم وشهوده جمعهم وجماعاتهم ونفعه إياهم ودفعه الضرر عنهم ممن سواهم وتسديده العلماء والحكام وتقريره الادلة والأحكام أفضل ما يقال عنه من كنونه في الأمصار. وجوبه الفيافي والأقطار. واجتماعه بعباد لا يعرف أحوال كثير منهم وجعله لهم كالنقيب المترجم عنهم. وهذا الّذي ذكرناه لا يتوقف أحد فيه بعد التفهيم والله يهدى من يشاء الى صراط مستقيم.

ومن ذلك ما ثبت

في الصحيحين وغيرهما عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلّى ليلة العشاء ثم قال أرأيتم ليلتكم هذه فإنه الى مائة سنة لا يبقى ممن هو على وجه الأرض اليوم أحد. وفي رواية عين تطرف. قال ابن عمر فوهل الناس في مقالة رسول الله هذه وإنما أراد انخرام قرنه.

قال الامام أحمد حدثنا عبد الرزاق أنبانا معمر عن الزهري قال أخبرنى سالم بن عبد الله وأبو بكر بن سليمان ابن أبى خيثمة أن عبد الله بن عمر قال صلّى رسول ذات ليلة العشاء في آخر حياته فلما سلم قام فقال أرأيتم ليلتكم هذه فان على رأس مائة سنة لا يبقى ممن على ظهر الأرض أحد وأخرجه البخاري ومسلم من حديث الزهري *

وقال الامام أحمد حدثنا محمد بن أبى عدي عن سليمان التيمي عن أبى نضرة عن جابر بن عبد الله قال قال رسول قبل موته بقليل أو بشهر ما من نفس منفوسة أو ما منكم من نفس اليوم منفوسة يأتى عليها مائة سنة وهي يومئذ حية

وقال أحمد حدثنا موسى بن داود حدثنا بن لهيعة عن أبى الزبير عن جابر عن النبي أنه قال قبل أن يموت بشهر يسألوننى عن الساعة وإنما علمها عند الله أقسم بالله ما على الأرض نفس منفوسة اليوم يأتى عليها مائة سنة. وهكذا رواه مسلم من طريق أبى نضرة وأبى الزبير كل منهما عن جابر بن عبد الله به نحوه.

وقال الترمذي حدثنا عباد حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبى سفيان عن جابر قال قال رسول ما على الأرض من نفس منفوسة يأتى عليها مائة سنة. وهذا أيضا على شرط مسلم * قال ابن الجوزي فهذه الأحاديث الصحاح تقطع دابر دعوى حياة الخضر * قالوا فالخضر إن لم يكن قد أدرك زمان رسول الله كما هو المظنون الّذي يترقى في القوة الى القطع فلا إشكال وإن كان قد أدرك زمانه فهذا الحديث يقتضي أنه لم يعش بعد مائة سنة فيكون الآن مفقودا لا موجودا لانه داخل في هذا العموم والأصل عدم المخصص له حتى يثبت بدليل صحيح يجب قبوله والله أعلم.

وقد حكى الحافظ أبو القاسم السهيليّ في كتابه التعريف والأعلام عن البخاري وشيخه أبى بكر بن العربيّ أنه أدرك حياة النبي ولكن مات بعده لهذا الحديث وفي كون البخاري يقول بهذا وأنه بقي الى زمان النبي نظر * ورجح السهيليّ بقاءه وحكاه عن الأكثرين * قال وأما اجتماعه

<<  <  ج: ص:  >  >>