للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من اتقى الله فذاك الّذي … سيق إليه المتجر الرابح

فاغد فما في الدين أغلوطة … ورح لما أنت له رائح

وقد استنشده أبو عفان قصيدته التي في أولها: لا تنس ليلى ولا تنظر إلى هند. فلما فرغ منها سجد له أبو عفان، فقال له أبو نواس: والله لا أكلمك مدة. قال: فغمني ذلك، فلما أردت الانصراف قال: متى أراك؟ فقلت: ألم تقسم؟ فقال: الدهر أقصر من أن يكون معه هجر.

ومن مستجاد شعره قوله:

ألا ربّ وجه في التراب عتيق … ويا رب حسن في التراب رقيق

ويا رب حزم في التراب ونجدة … ويا رب رأى في التراب وثيق

فقل لقريب الدار إنك ظاعن … إلى سفر نائى المحل سحيق

أرى كل حي هالكا وابن هالك … وذا نسب في الهالكين عريق

إذا امتحن الدنيا لبيب تكشفت … له عن عدو في لباس صديق

وقوله

لا تشرهن فان الذل في الشره … والعز في الحلم لا في الطيش والسفه

وقل لمغتبط في التيه من حمق … لو كنت تعلم ما في التيه لم تته

التيه مفسدة للدين منقصة … للعقل مهلكة للعرض فانتبه

وجلس أبو العتاهية القاسم بن إسماعيل على دكان وراق فكتب على ظهر دفتر هذه الأبيات:

أيا عجبا كيف يعصى الإله … أم كيف يجحده الجاحد

وفي كل شيء له آية … تدل على أنه الواحد

ثم جاء أبو نواس فقرأها فقال: أحسن قائله والله. والله لوددت أنها لي بجميع شيء قلته، لمن هذه؟ قيل له: لأبى العتاهية، فأخذ فكتب في جانبها:

سبحان من خلق الخلق … من ضعف مهين

يسوقه من قرار … إلى قرار مكين

يخلق شيئا فشيئا … في الحجب دون العيون

حتى بدت حركات … مخلوقة في سكون

ومن شعره المستجاد قوله:

انقطعت شدتي فعفت الملاهي إذ … رمى الشيب مفرقي بالدواهي

ونهتنى النهى فملت إلى العدل … وأشفقت من مقالة ناهى

أيها الغافل المقر على السهو … ولا عذر في المعاد لساهى

<<  <  ج: ص:  >  >>