للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المصيصة فأخذها قسرا وقتل من أهلها خلقا، واستاق بقيتهم معه أسارى، وكانوا قريبا من مائتي ألف إنسان، ف ﴿إِنّا لِلّهِ وَإِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ﴾. ثم جاء إلى طرسوس فسأل أهلها منه الأمان فأمنهم وأمرهم بالجلاء عنها والانتقال منها، واتخذ مسجدها الأعظم اسطبلا لخيوله وحرق المنبر ونقل قناديله إلى كنائس بلده، وتنصر بعض أهلها معه لعنه الله. وكان أهل طرسوس والمصيصة قد أصابهم قبل ذلك بلاء وغلاء عظيم، ووباء شديد، بحيث كان يموت منهم في اليوم الواحد ثمانمائة نفر، ثم دهمهم هذا الأمر الشديد فانتقلوا من شهادة إلى شهاد أعظم منها. وعزم ملك الروم على المقام بطرسوس ليكون أقرب إلى بلاد المسلمين، ثم عن له فسار إلى القسطنطينية وفي خدمته الدمستق ملك الأرمن لعنه الله. وفيها جعل أمر تسفير الحجيج إلى نقيب الطالبيين وهو أبو أحمد الحسن بن موسى الموسوي، وهو والد الرضى والمرتضى، وكتب له منشور بالنقابة والحجيج.

وفيها توفيت أخت معز الدولة فركب الخليفة في طيارة وجاء لعزائه فقبّل معز الدولة الأرض بين يديه وشكر سعيه إليه، وصدقاته عليه. وفي ثانى عشر ذي الحجة منها عملت الروافض عيد غدير خم على العادة الجارية كما تقدم. وفيها تغلب على أنطاكية رجل يقال له رشيق النسيمى بمساعدة رجل يقال له ابن الأهوازي، وكان يضمن الطواحين، فأعطاه وأموالا عظيمة وأطمعه في أخذ انطاكية، وأخبره أن سيف الدولة قد اشتغل عنه بميّافارقين وعجز عن الرجوع إلى حلب، ثم تم لهما ما راماه من أخذ أنطاكية، ثم ركبا منها في جيوش إلى حلب فجرت بينهما وبين نائب سيف الدولة حروب عظيمة، ثم أخذ البلد وتحصن النائب بالقلعة وجاءته نجدة من سيف الدولة مع غلام له اسمه بشارة، فانهزم رشيق فسقط عن فرسه فابتدره بعض الأعراب فقتله وأخذ رأسه وجاء به إلى حلب، واستقل ابن الأهوازي سائرا إلى انطاكية، فأقام رجلا من الروم اسمه دزبر فسماه الأمير، وأقام آخر من العلويين ليجعله خليفة وسماه الأستاذ. فقصده نائب حلب وهو قرعويه فاقتتلا قتالا شديدا فهزمه ابن الأهوازي [واستقر بأنطاكية، فلما عاد سيف الدولة إلى حلب لم يبت بها إلا ليلة واحدة حتى سار إلى أنطاكية فالتقاه ابن الأهوازي فاقتتلوا قتالا شديدا ثم انهزم دزبر وابن الأهوازي] (١) وأسرا فقتلهما سيف الدولة.

وفيها ثار رجل من القرامطة اسمه مروان كان يحفظ الطرقات لسيف الدولة، ثار بحمص فملكها وما حولها فقصده جيش من حلب مع الأمير بدر فاقتتلوا معه فرماه بدر بسهم مسموم فأصابه، واتفق أن أسر أصحاب مروان بدرا فقتله مروان بين يديه صبرا ومات مروان بعد أيام وتفرق عنه أصحابه. وفيها عصى أهل سجستان أميرهم خلف بن أحمد، وذلك أنه حج في سنة ثلاث وخمسين


(١) سقط من المصرية.

<<  <  ج: ص:  >  >>