للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النص لصرف اليهم وهم ابنته فاطمة وأزواجه التسع وعمه العباس واحتج عليهم الصديق في منعه إياهم بهذا الحديث وقد وافقه على روايته عن رسول الله عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلى بن أبى طالب والعباس بن عبد المطلب وعبد الرحمن بن عوف وطلحة والزبير وأبو هريرة وآخرون . الثاني ان الترمذي رواه بلفظ يعم سائر الأنبياء نحن معاشر الأنبياء لا نورث وصححه. الثالث ان الدنيا كانت احقر عند الأنبياء من أن يكنزوا لها أو يلتفتوا اليها أو يهمهم أمرها حتى يسألوا الأولاد ليحوزوها بعدهم فان من لا يصل الى قريب من منازلهم في الزهادة لا يهتم بهذا المقدار أن يسأل ولدا يكون وارثا له فيها. الرابع أن زكريا كان نجارا يعمل بيده ويأكل من كسبها كما كان داود يأكل من كسب يده والغالب ولا سيما من مثل حال الأنبياء أنه لا يجهد نفسه في العمل اجهادا يستفضل منه ما لا يكون ذخيرة له يخلفه من بعده وهذا أمر بين واضح لكل من تأمله وتدبره وتفهم ان شاء الله.

قال الامام أحمد حدثنا يزيد يعنى ابن هارون أنبأنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أبى رافع عن أبى هريرة أن رسول الله قال كان زكريا نجارا. وهكذا رواه مسلم وابن ماجة من غير وجه عن حماد بن سلمة به. وقوله ﴿يا زَكَرِيّا إِنّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اِسْمُهُ يَحْيى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا﴾. وهذا مفسر بقوله ﴿فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيًّا مِنَ الصّالِحِينَ﴾ فلما بشر بالولد وتحقق البشارة شرع يستعلم على وجه التعجب وجود الولد والحالة هذه له ﴿قالَ رَبِّ أَنّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكانَتِ اِمْرَأَتِي عاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا﴾ أي كيف يوجد ولد من شيخ كبير قيل كان عمره إذ ذاك سبعا وسبعين سنة والأشبه والله أعلم أنه كان أسن من ذلك ﴿وَكانَتِ اِمْرَأَتِي عاقِراً﴾ يعنى وقد كانت امرأتي في حال شبيبتها عاقرا لا تلد والله أعلم. كما قال الخليل ﴿أَبَشَّرْتُمُونِي عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ﴾ وقالت سارة ﴿يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ * قالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ﴾ وهكذا أجيب زكريا قال له الملك الّذي يوحى اليه بأمر ربه ﴿كَذلِكَ قالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ﴾ أي هذا سهل يسير عليه ﴿وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً﴾ أي قدرته أوجدتك بعد ان لم تكن شيئا مذكورا أفلا يوجد منك ولدا وان كنت شيخا. وقال تعالى ﴿فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ﴾ ومعنى إصلاح زوجته انها كانت لا تحيض فحاضت. وقيل كان في لسانها شيء أي بذاءة ﴿قالَ رَبِّ اِجْعَلْ لِي آيَةً﴾ أي علامة على وقت تعلق منى المرأة بهذا الولد المبشر به ﴿قالَ آيَتُكَ أَلاّ تُكَلِّمَ النّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا﴾ يقول علامة ذلك أن يعتريك سكت لا تنطق معه ثلاثة أيام الا رمزا وأنت في ذلك سوى الخلق صحيح المزاج معتدل البنية وأمر

<<  <  ج: ص:  >  >>