النبي ﷺ في صفات متعددة فتارة يأتى في صورة دحية بن خليفة الكلبي وتارة في صورة أعرابى وتارة في صورته التي خلق عليها. له ستمائة جناح ما بين كل جناحين كما بين المشرق والمغرب كما رآه على هذه الصفة مرتين. مرة منهبطا من السماء الى الأرض. وتارة عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى. وهو قوله تعالى ﴿عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى * وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى * ثُمَّ دَنا فَتَدَلّى﴾ أي جبريل كما ذكرناه عن غير واحد من الصحابة * منهم ابن مسعود وأبو هريرة وأبو ذر وعائشة ﴿فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى * فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى﴾ أي الى عبد الله محمد ﷺ ثم قال ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى * عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى * ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى﴾ وقد ذكرنا في أحاديث الاسراء في سورة سبحان أن سدرة المنتهى في السماء السابعة * وفي رواية في السادسة أي أصلها وفروعها في السابعة فلما غشيها من أمر الله ما غشيها * قيل غشيها نور الرب ﷻ * وقيل غشيها فراش من ذهب * وقيل غشيها ألوان متعددة كثيرة غير منحصرة * وقيل غشيها الملائكة مثل الغربان * وقيل غشيها من نور الله تعالى فلا يستطيع أحد أن ينعتها * أي من حسنها وبهائها.
ولا منافاة بين هذه الأقوال إذ الجميع ممكن حصوله في حال واحدة * وذكرنا
أن رسول الله ﷺ قال. ثم رفعت لي سدرة المنتهى فإذا نبقها كالقلال * وفي رواية كقلال هجر وإذا ورقها كآذان الفيلة وإذا يخرج من أصلها نهران باطنان ونهران ظاهران. فأما الباطنان ففي الجنة. وأما الظاهران فالنيل والفرات * وتقدم الكلام على هذا في ذكر خلق الأرض وما فيها من البحار والأنهار * وفيه ثم رفع لي البيت المعمور وإذا هو يدخله في كل يوم سبعون ألف مالك ثم لا يعودون اليه آخر ما عليهم * وذكر أنه وجد إبراهيم الخليل ﵇ مستندا ظهره الى البيت المعمور. وذكرنا وجه المناسبة في هذا أن البيت المعمور هو في السماء السابعة بمنزلة الكعبة في الأرض *
وقد روى سفيان الثوري وشعبة وأبو الأحوص عن سماك بن حرب عن خالد بن عرعرة أن ابن الكواء سأل على بن أبى طالب عن البيت المعمور فقال هو مسجد في السماء يقال له الضراح، وهو بحيال الكعبة من فوقها. حرمته في السماء كحرمة البيت في الأرض يصلى فيه كل يوم سبعون الفا من الملائكة لا يعودون اليه أبدا * وهكذا روى على بن ربيعة وأبو الطفيل عن على مثله *
وقال الطبراني أنبانا الحسن بن علوية القطان حدثنا إسماعيل بن عيسى العطار حدثنا إسحاق بن بشر أبو حذيفة حدثنا ابن جريج عن صفوان بن سليم عن كريب عن ابن عباس قال قال رسول الله ﷺ البيت المعمور في السماء يقال له الضراح وهو على مثل البيت الحرام بحياله لو سقط لسقط عليه يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يرونه قط فان له في السماء حرمة على قدر حرمة مكة. يعنى في الأرض وهكذا قال العوفيّ عن ابن عباس ومجاهد وعكرمة والربيع بن أنس والسدي وغير واحد *