﴿ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ﴾ أي ليس هذا يستحقه أحد سواك و ﴿إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلاّمُ الْغُيُوبِ﴾. وهذا تأدب عظيم في الخطاب والجواب ﴿ما قُلْتُ لَهُمْ إِلاّ ما أَمَرْتَنِي بِهِ﴾ حين أرسلتنى اليهم وأنزلت على الكتاب الّذي كان يتلى عليهم ثم فسر ما قال لهم بقوله ﴿أَنِ اُعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ﴾ أي خالقي وخالقكم ورازقي ورازقكم ﴿وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمّا تَوَفَّيْتَنِي﴾ أي رفعتني إليك حين أرادوا قتلى وصلبى فرحمتني وخلصتني منهم وألقيت شبهي على أحدهم حتى انتقموا منه فلما كان ذلك ﴿كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾. ثم قال على وجه التفويض الى الرب ﷿ والتبري من أهل النصرانية ﴿إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ﴾ أي وهم يستحقون ذلك ﴿وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾. وهذا التفويض والاسناد الى المشيئة بالشرط لا يقتضي وقوع ذلك ولهذا قال ﴿فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ ولم يقل الغفور الرحيم وقد ذكرنا في التفسير ما
رواه الامام احمد عن أبى ذر ان رسول الله ﷺ قام بهذه الآية الكريمة ليلة حتى أصبح ﴿إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ وقال إني سألت ربى ﷿ الشفاعة لأمتي فأعطانيها وهي نائلة إن شاء الله تعالى لمن لا يشرك بالله شيئا. وقال ﴿وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ * لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنّا إِنْ كُنّا فاعِلِينَ * بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمّا تَصِفُونَ * وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ * يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ﴾ وقال تعالى ﴿لَوْ أَرادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لاصْطَفى مِمّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ سُبْحانَهُ هُوَ اللهُ الْواحِدُ الْقَهّارُ * خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفّارُ﴾. وقال تعالى ﴿قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ * سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمّا يَصِفُونَ﴾ وقال تعالى ﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً﴾ وقال تعالى ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ * اللهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ﴾ وثبت
في الصحيح عن رسول الله ﷺ أنه قال يقول الله تعالى شتمني ابن آدم ولم يكن له ذلك يزعم أن لي ولدا وأنا الأحد الصمد الّذي لم ألد ولم أولد ولم يكن لي كفوا أحد
وفي الصحيح أيضا عن رسول الله ﷺ أنه قال لا أحد أصبر على أذى سمعه من الله إنهم يجعلون له ولدا وهو يرزقهم ويعافيهم ولكن ثبت
في الصحيح أيضا عن رسول الله ﷺ أنه قال ان الله ليملى للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته) ثم قرأ ﴿وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ﴾ وهكذا قوله تعالى ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَها وَهِيَ ظالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُها وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ﴾ وقال تعالى ﴿نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ﴾ وقال تعالى ﴿قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ﴾