للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِذَا سَمِعَ الْمَوْعِظَةَ صَرَخَ صُرَاخَ الثَّكْلَى. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بلقان أَنَّ عِيسَى كَانَ يَقُولُ (اللَّهمّ إِنِّي أَصْبَحْتُ لَا أَسْتَطِيعُ دَفْعَ مَا أَكْرَهُ وَلَا أَمْلِكُ نَفْعَ مَا أَرْجُو وَأَصْبَحَ الْأَمْرُ بِيَدِ غَيْرِي وَأَصْبَحْتُ مُرْتَهِنًا بِعَمَلِي فَلَا فَقِيرَ أَفْقَرُ مِنِّي اللَّهمّ لَا تُشْمِتْ بِيَ عَدُوِّي وَلَا تَسُؤْ بِي صَدِيقِي وَلَا تَجْعَلْ مُصِيبَتِي فِي دِينِي وَلَا تُسَلِّطْ عَلَيَّ مَنْ لَا يَرْحَمُنِي) . وَقَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ كان عيسى يقول لا نصيب حقيقة الايمان حتى لا نبالى مِنْ أَكْلِ الدُّنْيَا. قَالَ الْفُضَيْلُ وَكَانَ عِيسَى يَقُولُ فَكَّرْتُ فِي الْخَلْقِ فَوَجَدْتُ مَنْ لَمْ يُخْلَقْ أَغْبَطَ عِنْدِي مِمَّنْ خُلِقَ. وَقَالَ إِسْحَاقُ بن بشر عن هشام ابن حَسَّانَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ إِنَّ عِيسَى رَأْسُ الزَّاهِدِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. قَالَ وَإِنَّ الْفَرَّارِينَ بِذُنُوبِهِمْ يُحْشَرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ عِيسَى قَالَ وَبَيْنَمَا عِيسَى يَوْمًا نَائِمٌ عَلَى حَجَرٍ قَدْ تَوَسَّدَهُ وَقَدْ وَجَدَ لَذَّةَ النَّوْمِ إِذْ مَرَّ بِهِ إِبْلِيسُ فَقَالَ (يَا عِيسَى أَلَسْتَ تَزْعُمُ أَنَّكَ لَا تُرِيدُ شَيْئًا مِنْ عَرَضِ الدُّنْيَا فَهَذَا الحجر من عرض الدنيا فقال فأخذ الحجر ورمى بِهِ إِلَيْهِ وَقَالَ هَذَا لَكَ مَعَ الدُّنْيَا. وَقَالَ مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ خَرَجَ عِيسَى عَلَى أَصْحَابِهِ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ صُوفٌ وَكِسَاءٌ وَتُبَّانٌ حَافِيًا بَاكِيًا شَعِثًا مُصْفَرَّ اللَّوْنِ مِنَ الْجُوعِ يَابِسَ الشَّفَتَيْنِ مِنَ الْعَطَشِ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَا الَّذِي أَنْزَلْتُ الدُّنْيَا مَنْزِلَتَهَا بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَا عَجَبَ وَلَا فَخْرَ أَتَدْرُونَ أَيْنَ بَيْتِي قَالُوا أَيْنَ بَيْتُكَ يَا رُوحَ اللَّهِ قَالَ بِيتِي الْمَسَاجِدُ وَطِيبِي الْمَاءُ وَإِدَامِي الْجُوعُ وَسِرَاجِي الْقَمَرُ بِاللَّيْلِ وَصَلَاتِي فِي الشِّتَاءِ مشارق الشمس وريحاني بقول الأرض ولباسي الصون وَشِعَارِي خَوْفُ رَبِّ الْعِزَّةِ وَجُلَسَائِي الزَّمْنَى وَالْمَسَاكِينُ أُصْبِحُ وَلَيْسَ لِي شَيْءٌ وَأُمْسِي وَلَيْسَ لِي شيء وأنا طيب النفس غير مكترث فمن أغنى منى وأربح رواه بن عَسَاكِرَ [١] وَرَوَى فِي تَرْجَمَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ أَبَانِ بْنِ حِبَّانَ أَبِي الْحَسَنِ الْعُقَيْلِيِّ الْمِصْرِيِّ حَدَّثَنَا هَانِئُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ الْإِسْكَنْدَرَانِيُّ عَنْ حيوة بن شريح حدثني الوليد ابن أبى الوليد عن سفى بن نافع عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى عِيسَى أَنْ يَا عِيسَى انْتَقِلَ مِنْ مَكَانٍ الى مكان لئلا تعرف فتؤذى فو عزتي وَجَلَالِي لَأُزَوِّجَنَّكَ أَلْفَ حَوْرَاءَ وَلَأُولِمَنَّ عَلَيْكَ أَرْبَعَمِائَةِ عَامٍ. وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ رَفْعُهُ وَقَدْ يَكُونُ موقوفا من رواية سفى بن نافع عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ أَوْ غَيْرِهِ مِنَ الْإِسْرَائِيلِيِّينَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ خَلَفِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ قَالَ عِيسَى لِلْحَوَارِيِّينَ كَمَا تَرَكَ لَكُمُ الْمُلُوكَ الْحِكْمَةَ فَكَذَلِكَ فَاتْرُكُوا لَهُمُ الدُّنْيَا. وَقَالَ قَتَادَةُ قَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ سَلُونِي فَإِنِّي لَيِّنُ الْقَلْبِ وَإِنِّي صَغِيرٌ عِنْدَ نَفْسِي وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ عيسى لِلْحِوَارِيَّيْنِ كُلُوا خُبْزَ الشَّعِيرِ وَاشْرَبُوا الْمَاءَ الْقَرَاحَ واخرجوا من الدنيا سالمين آمنين بحق مَا أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ حَلَاوَةَ الدُّنْيَا مَرَارَةُ الْآخِرَةِ وَإِنَّ مَرَارَةَ الدُّنْيَا حَلَاوَةُ الْآخِرَةِ وَإِنَّ عباد الله ليسوا بالمتنعمين بحق مَا أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ شَرَّكُمْ عَالِمٌ يُؤْثِرُ هَوَاهُ عَلَى عِلْمِهِ يَوَدُّ أَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ مثله.


[١] من هنا إلى قوله وقال عبد الله بن المبارك لم يوجد في النسختين الموجودتين بالمكتبة المصرية

<<  <  ج: ص:  >  >>