مَنْ هُوَ رَاكِعٌ أَبَدًا وَمِنْهُمْ مَنْ هُوَ سَاجِدٌ أَبَدًا وَمِنْهُمْ مَنْ هُوَ فِي صُنُوفٍ أخر والله أَعْلَمُ بِهَا. وَهُمْ دَائِمُونَ فِي عِبَادَتِهِمْ وَتَسْبِيحِهِمْ وَأَذْكَارِهِمْ وَأَعْمَالِهِمُ الَّتِي أَمَرَهُمُ اللَّهُ بِهَا، وَلَهُمْ مَنَازِلُ عِنْدَ رَبِّهِمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ ٣٧: ١٦٤- ١٦٦ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا تَصُفُّونَ كَمَا تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا قَالُوا وَكَيْفَ يصفون عند ربهم قال يكملون الصف الْأُوَلَ وَيَتَرَاصُّونَ فِي الصَّفِّ وَقَالَ فُضِّلْنَا عَلَى النَّاسِ بِثَلَاثٍ جُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَتُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا وَجُعِلَتْ صُفُوفُنَا كَصُفُوفِ الْمَلَائِكَةِ وَكَذَلِكَ يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَيْنَ يَدَيِ الرَّبِّ جَلَّ جَلَالُهُ صُفُوفًا كَمَا قَالَ تَعَالَى وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا ٨٩: ٢٢ وَيَقِفُونَ صُفُوفًا بَيْنَ يَدَيْ رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقال صَواباً ٧٨: ٣٨ وَالْمُرَادُ بِالرُّوحِ هَاهُنَا بَنُو آدَمَ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَقِيلَ ضَرْبٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ يُشْبِهُونَ بَنِي آدَمَ فِي الشَّكْلِ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَأَبُو صَالِحٍ وَالْأَعْمَشُ وَقِيلَ جِبْرِيلُ قَالَهُ الشَّعْبِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالضَّحَّاكُ وَقِيلَ مَلَكٌ يُقَالُ لَهُ الرُّوحُ بِقَدْرِ جَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قوله يوم يقوم الروح قَالَ هُوَ مَلَكٌ مِنْ أَعْظَمِ الْمَلَائِكَةِ خُلُقًا وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ العسقلاني حدثنا داود ابن الْجَرَّاحِ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ الرُّوحُ فِي السماء الرابعة هو أعظم السموات وَالْجِبَالِ وَمِنَ الْمَلَائِكَةِ يُسَبِّحُ كُلَّ يَوْمٍ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ تَسْبِيحَةٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مِنْ كُلِّ تسبيحة ملكا من الملائكة يحيى يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَفًّا وَحْدَهُ وَهَذَا غَرِيبٌ جِدًّا وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الحكيم المصري حدثنا ابن وهب بن رزق أبو هبيرة حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنِي عَطَاءٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ «إِنَّ للَّه مَلَكًا لَوْ قِيلَ لَهُ التقم السموات وَالْأَرَضِينَ بِلَقْمَةٍ وَاحِدَةٍ لَفَعَلَ. تَسْبِيحُهُ سُبْحَانَكَ حَيْثُ كُنْتَ» وَهَذَا أَيْضًا حَدِيثٌ غَرِيبٌ جِدًّا وَقَدْ يَكُونُ مَوْقُوفًا وَذَكَرْنَا فِي صِفَةِ حَمَلَةِ الْعَرْشِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَذِنَ لِي أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ مَلَكٍ مِنْ مَلَائِكَةِ اللَّهِ من حملة العرش أن ما بين شحمة أُذُنِهِ إِلَى عَاتِقِهِ مَسِيرَةُ سَبْعِمِائَةِ عَامٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَلَفْظُهُ مَخْفِقُ الطَّيْرِ سَبْعُمِائَةِ عَامٍ وَقَدْ وَرَدَ فِي صِفَةِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَمْرٌ عَظِيمٌ قَالَ اللَّهُ تعالى عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى ٥٣: ٥ قَالُوا كَانَ مِنْ شِدَّةِ قُوَّتِهِ أَنَّهُ رَفَعَ مَدَائِنَ قَوْمِ لُوطٍ وَكُنَّ سَبْعًا بِمَنْ فِيهَا مِنَ الْأُمَمِ وَكَانُوا قَرِيبًا مِنْ أَرْبَعِمِائَةِ أَلْفٍ وَمَا مَعَهُمْ مِنَ الدَّوَابِّ وَالْحَيَوَانَاتِ وَمَا لِتِلْكَ الْمُدُنِ مِنَ الْأَرَاضِي وَالْمُعْتَمَلَاتِ وَالْعِمَارَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ رَفَعَ ذَلِكَ كُلَّهُ عَلَى طَرَفِ جَنَاحِهِ حَتَّى بَلَغَ بِهِنَّ عَنَانَ السَّمَاءِ حَتَّى سَمِعَتِ الْمَلَائِكَةُ نباح الكلاب وَصِيَاحَ دِيكَتِهِمْ ثُمَّ قَلَبَهَا فَجَعَلَ عَالِيَهَا سَافِلَهَا فَهَذَا هُوَ شَدِيدُ الْقُوَى. وَقَوْلُهُ ذُو مِرَّةٍ أَيْ خَلْقٍ حَسَنٍ وَبَهَاءٍ وَسَنَاءٍ كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ٦٩: ٤٠ أَيْ جِبْرِيلُ رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ كَرِيمٌ أَيْ حسن المنظر
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute