أصحابه فجحد وقال ما أنا بصاحبه فتركوه. ثم أخذه آخرون فجحد كذلك ثم سمع صوت ديك فبكى وأحزنه. فلما أصبح أتى أحد الحواريين إلى اليهود فقال ما تجعلون لي إن دللتكم على المسيح فجعلوا له ثلاثين درهما فأخذها ودلهم عليه وكان شبه عليهم قبل ذلك فأخذوه واستوثقوا منه وربطوه بالحبل وجعلوا يقودونه ويقولون أنت كنت تحيى الموتى وتنتهر الشيطان وتبرئ المجنون أفلا تنجى نفسك من هذا الحبل ويبصقون عليه ويلقون عليه الشوك حتى أتوا به الخشبة التي أرادوا أن يصلبوه عليها فرفعه الله اليه وصلبوا ما شبه لهم فمكث سبعا. ثم إن أمه والمرأة التي كان يداويها عيسى فأبرأها الله من الجنون جاءتا تبكيان حيث كان المصلوب فجاءهما عيسى فقال على م تبكيان قالتا عليك فقال إني قد رفعني الله اليه ولم يصبني إلا خير وان هذا شيء شبه لهم فأمرا الحواريين أن يلقوني إلى مكان كذا وكذا فلقوه الى ذلك المكان أحد عشر وفقد الّذي كان باعه ودل عليه اليهود فسأل عنه أصحابه فقالوا إنه ندم على ما صنع فاختنق وقتل نفسه فقال لو تاب لتاب الله عليه * ثم سألهم عن غلام يتبعهم يقال له يحيى فقال هو معكم فانطلقوا فإنه سيصبح كل إنسان منكم يحدث بلغة قوم فلينذرهم وليدعهم * وهذا اسناد غريب عجيب وهو أصح مما ذكره النصارى من أن المسيح جاء إلى مريم وهي جالسة تبكى عند جذعة فأراها مكان المسامير من جسده وأخبرها أن روحه رفعت وأن جسده صلب وهذا بهت وكذب واختلاق وتحريف وتبديل وزيادة باطلة في الإنجيل على خلاف الحق ومقتضى النقل.
وحكى الحافظ بن عساكر من طريق يحيى بن حبيب فيما بلغه أن مريم سألت من بيت الملك بعد ما صلب المصلوب بسبعة أيام وهي تحسب أنه ابنها أن ينزل جسده فأجابهم الى ذلك ودفن هنالك فقالت مريم لأم يحيى ألا تذهبين بنا نزور قبر المسيح فذهبتا فلما دنتا من القبر قالت مريم لأم يحيى ألا تستترين فقالت وممن أستتر فقالت من هذا الرجل الّذي هو عند القبر فقالت أم يحيى انى لا أرى أحدا فرجت مريم أن يكون جبريل وكانت قد بعد عهدها به فاستوقفت أم يحيى وذهبت نحو القبر فلما دنت من القبر قال لها جبريل وعرفته يا مريم أين تريدين فقالت أزور قبر المسيح فأسلم عليه وأحدث عهدا به فقال يا مريم ان هذا ليس المسيح إن الله قد رفع المسيح وطهره من الذين كفروا ولكن هذا الفتى الّذي القى شبهه عليه وصلب وقتل مكانه. وعلامة ذلك أن أهله قد فقدوه فلا يدرون ما فعل به فهم يبكون عليه فإذا كان يوم كذا وكذا فأت غيضة كذا وكذا فإنك تلقين المسيح قال فرجعت الى أختها وصعد جبريل فأخبرتها عن جبرئيل وما قال لها من أمر الغيضة. فلما كان ذلك اليوم ذهبت فوجدت عيسى في الغيضة فلما رآها أسرع اليها وأكب عليها فقبل رأسها وجعل يدعو لها كما كان يفعل وقال يا امه إن القوم لم يقتلوني ولكن الله رفعني اليه وأذن لي في لقائك والموت يأتيك قريبا فاصبرى واذكري الله كثيرا ثم صعد عيسى فلم تلقه إلا تلك المرة حتى ماتت. قال وبلغني أن مريم بقيت بعد