للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّذِي كَانَ بَنَاهُ الْمَلِكُ السَّعِيدُ ظَاهِرَ بَابِ النَّصْرِ، وَلَمْ يَكُنْ بِدِمَشْقَ أَحْسَنُ مِنْهُ، وَوَسَّعَ الْمَيْدَانَ الْأَخْضَرَ مِنْ نَاحِيَةِ الشَّمَالِ مِقْدَارَ سُدُسِهِ، وَلَمْ يَتْرُكْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّهْرِ إِلَّا مِقْدَارًا يسيرا، وعمل هو بنفسه والأمراء بحيطانه.

وفيها حبس جمال الدين آقوش الأفرم المنصوري وأميرا آخَرُ مَعَهُ فِي الْقَلْعَةِ.

وَفِيهَا حُمِلَ الْأَمِيرُ علم الدين الدويدارى إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ مُقَيَّدًا. وَقَدْ نَظَمَ الشَّيْخُ شِهَابُ الدِّينِ مَحْمُودٌ قَصِيدَةً فِي فَتْحِ عَكَّا.

الْحَمْدُ للَّه زَالَتْ دَوْلَةُ الصُّلْبِ ... وَعَزَّ بِالتُّرْكِ دِينُ الْمُصْطَفَى الْعَرَبِيِّ

هذا الذي كَانَتِ الْآمَالُ لَوْ طَلَبَتْ ... رُؤْيَاهُ فِي النَّوْمِ لَاسْتَحْيَتْ مِنَ الطَّلَبِ

مَا بَعْدَ عَكَّا وَقَدْ هُدَّتْ قَوَاعِدُهَا ... في البحر للترك عِنْدَ الْبَرِّ مِنْ أَرَبِ

لَمْ يَبْقَ مِنْ بَعْدِهَا لِلْكُفْرِ إِذْ خَرِبَتْ ... فِي الْبَحْرِ وَالْبَرِّ مَا يُنْجِي سِوَى الْهَرَبِ

أُمُّ الْحُرُوبِ فَكَمْ قَدْ أَنْشَأَتْ فِتَنًا ... شَابَ الْوَلِيدُ بِهَا هَوْلًا وَلَمْ تَشُبِ

يَا يَوْمَ عَكَّا لَقَدْ أَنْسَيْتَ مَا سَبَقَتْ ... بِهِ الْفُتُوحُ وَمَا قَدْ خُطَّ فِي الْكُتُبِ

لَمْ يَبْلُغِ النُّطْقُ حَدَّ الشُّكْرِ فِيكَ فَمَا ... عَسَى يَقُومُ بِهِ ذُو الشِّعْرِ وَالْأَدَبِ

أَغْضَبْتَ عُبَّادَ عِيسَى إِذْ أَبَدْتَهُمُ ... للَّه أي رضى في ذلك الغضب

وأشرف الهادي المصطفى الْبَشِيرُ عَلَى ... ما أَسْلَفَ الْأَشْرَفُ السُّلْطَانُ مِنْ قُرَبِ

فَقَرَّ عَيْنًا لِهَذَا الْفَتْحِ وَابْتَهَجَتْ ... بِبُشْرِهِ الْكَعْبَةُ الْغَرَّاءُ فِي الْحُجُبِ

وَسَارَ فِي الْأَرْضِ سَيْرًا قَدْ سَمِعْتُ بِهِ ... فَالْبَرُّ فِي طَرَبٍ، وَالْبَحْرُ فِي حَرَبِ

وَهِيَ طَوِيلَةٌ جِدًّا، وَلَهُ وَلِغَيْرِهِ فِي فَتْحِ عَكَّا أَشْعَارٌ كَثِيرَةٌ. وَلَمَّا رَجَعَ الْبَرِيدُ أَخْبَرَ بِأَنَّ السُّلْطَانَ لَمَّا عَادَ إِلَى مِصْرَ خَلْعَ عَلَى وَزِيرِهِ ابْنِ السَّلْعُوسِ جَمِيعَ مَلَابِسِهِ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِ، وَمَرْكُوبَهُ الَّذِي كَانَ تَحْتَهُ، فَرَكِبَهُ وَرَسَمَ لَهُ بِثَمَانِيَةٍ وَسَبْعِينَ أَلْفًا مِنْ خِزَانَةِ دِمَشْقَ، لِيَشْتَرِيَ لَهُ بِهَا قَرْيَةَ قَرَحْتَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ.

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ انْتَهَتْ عِمَارَةُ قَلْعَةِ حَلَبَ بَعْدَ الْخَرَابِ الَّذِي أَصَابَهَا مِنْ هُولَاكُو وَأَصْحَابِهِ عَامَ ثَمَانٍ وخمسين. وفيها في شوال شُرِعَ فِي عِمَارَةِ قَلْعَةِ دِمَشْقَ وَبِنَاءِ الدُّورِ السُّلْطَانِيَّةِ وَالطَّارِمَةِ وَالْقُبَّةِ الزَّرْقَاءِ، حَسَبَ مَا رَسَمَ بِهِ السُّلْطَانُ الْأَشْرَفُ خَلِيلُ بْنُ قَلَاوُونَ لِنَائِبِهِ عَلَمِ الدِّينِ سَنْجَرَ الشُّجَاعِيِّ.

وَفِيهَا فِي رَمَضَانَ أُعِيدَ إِلَى نِيَابَةِ الْقَلْعَةِ الْأَمِيرُ أَرْجُوَاشُ وَأُعْطِيَ إِقْطَاعَاتٍ سَنِيَّةً. وَفِيهَا أُرْسِلَ الشَّيْخُ الرَّجِيحِيُّ مِنْ ذُرِّيَّةِ الشَّيْخِ يُونُسَ مُضَيَّقًا عَلَيْهِ مَحْصُورًا إِلَى القاهرة، وفيها درس عز الدين القاروني بالمدرسة النجيبية عوضا عن كمال الدين ابن خَلِّكَانَ، وَفِي ذَلِكَ الْيَوْمِ دَرَّسَ نَجْمُ الدِّينِ مكي بالرواحية

<<  <  ج: ص:  >  >>