للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شرهم عن العباد والبلاد، ونادى قبجق في الناس قد أمنت الطرقات ولم يبق بالشام من التتر أحد، وصلى قبجق يوم الجمعة عاشر رجب بالمقصورة، ومعه جماعة عليهم لأمة الحرب من السيوف والقسي والتراكيش فيها النشاب، وأمنت البلاد، وخرج الناس للفرجة في غيض السفرجل على عادتهم فعاثت عليهم طائفة من التتر، فلما رأوهم رجعوا إلى البلد هاربين مسرعين، ونهب بعض الناس بعضا ومنهم من ألقى نفسه في النهر، وإنما كانت هذه الطائفة مجتازين ليس لهم قرار، وتقلق قبجق من البلد ثم إنه خرج منها في جماعة من رؤسائها وأعيانها منهم عز الدين ابن القلانسي ليتلقوا الجيش المصري وذلك أن جيش مصر خرج إلى الشام في تاسع رجب وجاءت البريدية بذلك، وبقي البلد ليس به أحد، ونادى أرجواش في البلد احفظوا الأسوار وأخرجوا ما كان عندكم من الاسلحة ولا تهملوا الأسوار والأبواب، ولا يبيتن أحد إلا على السور، ومن بات في داره شنق، فاجتمع الناس على الأسوار لحفظ البلاد، وكان الشيخ تقى الدين بن تيمية يدور كل ليلة على الأسوار يحرض الناس على الصبر والقتال ويتلو عليهم آيات الجهاد والرباط.

وفي يوم الجمعة سابع عشر رجب أعيدت الخطبة بدمشق لصاحب مصر ففرح الناس بذلك، وكان يخطب لقازان بدمشق وغيرها من بلاد الشام مائة يوم سواء. وفي بكرة يوم الجمعة المذكور دار الشيخ تقى الدين بن تيمية وأصحابه على الخمارات والحانات فكسروا آنية الخمور وشققوا الظروف وأراقوا الخمور، وعزروا جماعة من أهل الحانات المتخذة لهذه الفواحش، ففرح الناس بذلك، ونودي يوم السبت ثامن عشر رجب بأن تزين البلد لقدوم العساكر المصرية، وفتح باب الفرج مضافا إلى باب النصر يوم الأحد تاسع عشر رجب، ففرح الناس بذلك وانفرجوا لأنهم لم يكونوا يدخلون إلا من باب النصر، وقدم الجيش الشامي صحبة نائب دمشق جمال الدين آقوش الأفرم يوم السبت عاشر شعبان، وثانى يوم دخل بقية العساكر وفيهم الأميران شمس الدين قراسنقر المنصوري وسيف الدين قطلبك في تجمل. وفي هذا اليوم فتح باب العريش، وفيه درس القاضي جلال الدين القزويني بالأمينية عوضا عن أخيه قاضى القضاة إمام الدين توفى بمصر، وفي يوم الاثنين والثلاثاء والأربعاء تكامل دخول العساكر صحبة نائب مصر سيف الدين سلار، وفي خدمته الملك العادل كتبغا، وسيف الدين الطراخى في تجمل باهر، ونزلوا في المرج، وكان السلطان قد خرج عازما على المجيء فوصل إلى الصالحية ثم عاد إلى مصر.

وفي يوم الخميس النصف من شعبان أعيد القاضي بدر الدين بن جماعة إلى قضاء القضاة بدمشق مع الخطابة بعد إمام الدين، ولبس معه في هذا اليوم أمين الدين العجمي خلعة الحسبة، وفي يوم سابع عشره لبس خلعة نظر الدواوين تاج الدين الشيرازي عوضا عن فخر الدين بن الشيرجي،

<<  <  ج: ص:  >  >>