بِعَدَاوَةِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشُّهُودِ السِّتَّةِ الَّذِينَ شَهِدُوا عَلَيْهِ عِنْدَ الْمَالِكِيِّ، حِينَ حَكَمَ بِإِرَاقَةِ دَمِهِ، وَمِمَّنْ شَهِدَ بِهَذِهِ الْعَدَاوَةِ نَاصِرُ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَزَيْنُ الدِّينِ بْنُ الشَّرِيفِ عدنان، وقطب الدين بن شَيْخِ السَّلَامِيَّةِ وَغَيْرُهُمْ. وَفِيهَا بَاشَرَ كَمَالُ الدِّينِ بْنُ الزَّمْلَكَانِيِّ نَظَرَ دِيوَانِ مَلِكِ الْأُمَرَاءِ عِوَضًا عَنْ شِهَابِ الدِّينِ الْحَنَفِيِّ، وَذَلِكَ فِي آخِرِ رَمَضَانَ، وَخُلِعَ عَلَيْهِ بِطَيْلَسَانَ وَخِلْعَةٍ، وَحَضَرَ بِهَا دَارَ الْعَدْلِ.
وَفِي لَيْلَةِ عِيدِ الْفِطْرِ أَحْضَرَ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ سَلَّارُ نَائِبُ مِصْرَ الْقُضَاةَ الثَّلَاثَةَ وَجَمَاعَةً مِنَ الْفُقَهَاءِ فَالْقُضَاةُ الشَّافِعِيُّ وَالْمَالِكِيُّ وَالْحَنَفِيُّ، وَالْفُقَهَاءُ الْبَاجِيُّ وَالْجَزَرِيُّ وَالنِّمْرَاوِيُّ، وَتَكَلَّمُوا فِي إخراج الشيخ تقى الدين بن تيمية من الحبس، فاشترط بعض الحاضرين عليه شروطا بذلك، مِنْهَا أَنَّهُ يَلْتَزِمُ بِالرُّجُوعِ عَنْ بَعْضِ الْعَقِيدَةِ وَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ لِيَحْضُرَ لِيَتَكَلَّمُوا مَعَهُ فِي ذَلِكَ، فَامْتَنَعَ مِنَ الْحُضُورِ وَصَمَّمَ، وَتَكَرَّرَتِ الرُّسُلُ إِلَيْهِ سِتَّ مَرَّاتٍ، فَصَمَّمَ عَلَى عَدَمِ الْحُضُورِ، وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِمْ وَلَمْ يَعِدْهُمْ شَيْئًا، فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْمَجْلِسُ فَتَفَرَّقُوا وَانْصَرَفُوا غَيْرَ مَأْجُورِينَ.
وَفِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ ثَانِي شَوَّالٍ أَذِنَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ الْأَفْرَمُ لِلْقَاضِي جَلَالِ الدِّينِ الْقَزْوِينِيِّ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ وَيَخْطُبَ بِجَامِعِ دِمَشْقَ عِوَضًا عَنِ الشَّيْخِ شَمْسِ الدِّينِ إِمَامِ الْكَلَّاسَةِ تُوُفِّيَ، فَصَلَّى الظُّهْرَ يَوْمَئِذٍ وخطب الجمعة واستمر بالإمامة وَالْخَطَابَةِ حَتَّى وَصَلَ تَوْقِيعُهُ بِذَلِكَ مِنَ الْقَاهِرَةِ، وفي مستهل ذي القعدة حضر نَائِبُ السَّلْطَنَةِ وَالْقُضَاةُ وَالْأُمَرَاءُ وَالْأَعْيَانُ وَشُكِرَتْ خُطْبَتُهُ. وَفِي مُسْتَهَلِّ ذِي الْقَعْدَةِ كَمَلَ بِنَاءُ الْجَامِعِ الّذي ابتناه وَعَمَّرَهُ الْأَمِيرُ جَمَالُ الدِّينِ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ الْأَفْرَمُ عند الرباط الناصري بالصالحية، ورتب فيه خطيبا يخطب يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهُوَ الْقَاضِي شَمْسُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ الْعِزِّ الْحَنَفِيُّ، وَحَضَرَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ وَالْقُضَاةُ وَشُكِرَتْ خُطْبَةُ الْخَطِيبِ بِهِ، وَمَدَّ الصَّاحِبُ شِهَابُ الدِّينِ الْحَنَفِيُّ سِمَاطًا بَعْدَ الصَّلَاةِ بِالْجَامِعِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ الَّذِي كَانَ السَّاعِي فِي عِمَارَتِهِ، وَالْمُسْتَحِثَّ عَلَيْهَا، فَجَاءَ فِي غَايَةِ الْإِتْقَانِ وَالْحُسْنِ، تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنْهُمْ.
وَفِي ثَالِثِ ذِي الْقَعْدَةِ اسْتَنَابَ ابْنُ صَصْرَى الْقَاضِي صَدْرَ الدِّينِ سُلَيْمَانَ بْنَ هلال بن شبل الجعبريّ خَطِيبَ دَارَيَّا فِي الْحُكْمِ عِوَضًا عَنْ جَلَالِ الدِّينِ الْقَزْوِينِيِّ، بِسَبَبِ اشْتِغَالِهِ بِالْخَطَابَةِ عَنِ الْحُكْمِ، وَفِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ قَدِمَ قَاضِي الْقُضَاةِ صَدْرُ الدِّينِ أَبُو الحسن على بن الشيخ صفى الدين الْحَنَفِيُّ الْبُصْرَاوِيُّ إِلَى دِمَشْقَ مِنَ الْقَاهِرَةِ مُتَوَلِّيًا قضاء الحنفية عوضا عن الأزرعى، مَعَ مَا بِيَدِهِ مِنْ تَدْرِيسِ النُّورِيَّةِ وَالْمُقَدَّمِيَّةِ وَخَرَجَ النَّاسُ لِتَلَقِّيهِ وَهَنَّئُوهُ، وَحَكَمَ بِالنُّورِيَّةِ وَقُرِئَ تَقْلِيدُهُ بِالْمَقْصُورَةِ الْكِنْدِيَّةِ فِي الزَّاوِيَةِ الشَّرْقِيَّةِ، مِنْ جَامِعِ بَنِي أُمَيَّةَ. وَفِي ذِي الْحِجَّةِ وُلِّيَ الأمير عز الدين بن صبرة على البلاد الْقِبْلِيَّةِ وَالِيَ الْوُلَاةِ، عِوَضًا عَنِ الْأَمِيرِ جَمَالِ الدِّينِ آقُوشَ الرُّسْتُمِيِّ، بِحُكْمِ وِلَايَتِهِ شَدَّ الدَّوَاوِينَ بِدِمَشْقَ، وَجَاءَ كِتَابٌ مِنَ السُّلْطَانِ بِوِلَايَةِ وَكَالَتِهِ للرئيس
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute