عند الشيخ تقى الدين ابن تيمية ﵀ من القلعة المنصورة في أيام جلال الدين القزويني، فأحضرها القاضي بعد جهد ومدافعة، وخاف على نفسه منه، فقبضها منه الفخرى بالقصر وأذن له في الانصراف من عنده، وهو متغضب عليه، وربما هم بعزله لممانعته إياها، وربما قال قائل هذه فيها كلام يتعلق بمسألة الزيارة، فقال الفخرى: كان الشيخ أعلم بالله وبرسوله منكم. واستبشر الفخرى بإحضارها إليه واستدعى بأخي الشيخ زين الدين عبد الرحمن، وبالشيخ شمس الدين عبد الرحمن بن قيم الجوزية وكان له سعى مشكور فيها، فهنأهما بإحضاره الكتب، وبيت الكتب تلك الليلة في خزانته للتبرك وصلى به الشيخ زين الدين أخو الشيخ صلاة المغرب بالقصر، وأكرمه الفخرى إكراما زائدا لمحبته الشيخ ﵀.
وفي يوم الأحد رابعه دقت البشائر بالقلعة وفي باب الميدان لقدوم بشير بالقبض على قوصون بالديار المصرية، واجتمع الناس لذلك واستبشر كثير منهم بذلك، وأقبل جماعة من الأمراء إلى الكرك لطاعة الناصر بن الناصر، واجتمعوا مع الأمراء الشاميين عند الكرك، وطلبوا منه أن ينزل إليهم فأبى وتوهم أن هذه الأمور كلها مكيدة ليقبضوه ويسلموه إلى قوصون، وطلب منهم أن ينظر في أمره وردهم إلى دمشق. وفي هذه الأيام وما قبلها وما بعدها أخذ الفخرى من جماعة التجار بالأسواق وغيرها زكاة أموالهم سنة، فتحصل من ذلك زيادة على مائة ألف وسبعة آلاف، وصودر أهل الذمة بقريب من ذلك زيادة على الجزية التي أخذت منهم عن ثلاث سنين سلفا وتعجيلا، ثم نودي في البلد يوم الاثنين الحادي والعشرين من الشهر مناداة صادرة من الفخرى برفع الظلامات والطلبات وإسقاط ما تبقى من الزكاة والمصادرة، غير أنهم احتاطوا على جماعة من المشاة المكثرين ليشتروا منهم بعض أملاك الخلص، والبرهان بن بشارة الحنفي تحت المصادرة والعقوبة على طلب المال الّذي وجده في طميرة وجدها فيما ذكر عنه والله أعلم.
وفي يوم الجمعة الرابع والعشرين منه بعد الصلاة دخل الأمراء الستة الذين توجهوا نحو الكرك لطلب السلطان أن يقدم إلى دمشق فأبى عليهم في هذا الشهر، ووعدهم وقتا آخر فرجعوا، وخرج الفخرى لتلقيهم، فاجتمعوا قبلي جامع القبيبات الكريمي، ودخلوا كلهم إلى دمشق في جمع كثير من الأتراك الأمراء والجند، وعليهم خمدة لعدم قدوم السلطان أيده الله. وفي يوم الأحد قدم البريد خلف قماري وغيره من الأمراء يطلبهم إلى الكرك، واشتهر أن السلطان رأى النبي ﷺ في المنام وهو يأمره بالنزول من الكرك وقبول المملكة، فانشرح الناس لذلك.
وتوفى الشيخ عمر بن أبى بكر بن اليثمى البسطي يوم الأربعاء التاسع والعشرين، وكان رجلا صالحا كثير التلاوة والصلاة والصدقة، وحضور مجالس الذكر والحديث، له همة وصولة على الفقراء