﴿إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ * وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ﴾. ﴿قالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما﴾ الآية. ثم حضر في يوم آخر وهو مصمم على ضلاله فضرب بالسياط، فأظهر التوبة ثم أعيد إلى السجن في زنجير، ثم أحضر يوما ثالثا وهو يستهل بالتوبة فيما يظهر، فنودي عليه في البلد ثم أطلق.
وفي ليلة الثلاثاء الرابع عشر طلع القمر خاسفا كله ولكن كان تحت السحاب، فلما ظهر وقت العشاء وقد أخذ في الجلاء صلى الخطيب صلاة الكسوف قبل العشاء، وقرأ في الأولى بسورة العنكبوت وفي الأخرى بسورة يس، ثم صعد المنبر فخطب ثم نزل بعد العشاء. وقدمت كتب الحجاج يخبرون بالرخص والأمن، واستمرت زيادة الماء من أول ذي الحجة وقبلها إلى هذه الأيام من آخر هذا الشهر والأمر على حاله، وهذا شيء لم يعهد كما أخبر به عامة الشيوخ، وسببه أنه جاء ماء من بعض الجبال انهال في طريق النهر.
ودخل المحمل السلطاني يوم الثلاثاء الحادي والعشرين من المحرم قبل الظهر، ومسك أمير الحاج شركتمر المارداني الّذي كان مقيما بمكة شرفها الله تعالى، وحماها من الأوغاد، فلما عادت التجريدة مع الحجاج إلى دمشق صحبة القراسنقر من ساعة وصوله إلى دمشق، فقيد وسير إلى الديار المصرية على البريد، وبلغنا أن الأمير سند أمير مكة غرر بجند السلطان الذين ساروا صحبة ابن قراسنقر وكبسهم وقتل من حواشيهم وأخذ خيولهم، وأنهم ساروا جرائد بغير شيء مسلوبين إلى الديار المصرية، ف ﴿إِنّا لِلّهِ وَإِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ﴾.
وفي أول شوال اشتهر فيه وتواتر خبر الفناء الّذي بالديار المصرية بسبب كثرة المستنقعات من فيض النيل عندهم، على خلاف المعتاد، فبلغنا أنه يموت من أهلها كل يوم فوق الألفين، فأما المرض فكثير جدا، وغلت الأسعار لقلة من يتعاطى الأشغال، وغلا السكر والأمياه والفاكهة جدا، وتبرز السلطان إلى ظاهر البلد وحصل له تشويش أيضا، ثم عوفي بحمد الله.
وفي ثالث ربيع الآخر قدم من الديار المصرية ابن الحجاف رسول صاحب العراق لخطبة بنت السلطان، فأجابهم إلى ذلك بشرط أن يصدقها مملكة بغداد، وأعطاهم مستحقا سلطانيا، وأطلق لهم من التحف والخلع والأموال شيئا كثيرا، ورسم الرسول بمشترى قرية من بيت المال لتوقف على الخانقاه التي يريد أن يتخذها بدمشق قريبا من الطواويس، وقد خرج لتلقيه نائب الغيبة وهو حاجب الحجاب، والدولة والأعيان. وقرأت في يوم الأحد سابع شهر ربيع الآخر كتابا ورد من حلب بخط الفقيه العدل شمس الدين العراقي من أهلها، ذكر فيه أنه كان في حضرة نائب السلطنة في دار العدل يوم الاثنين السابع عشر من ربيع الأول وأنه أحضر رجل قد ولد له ولد