للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً ٥: ٤٨ وَقَالَ (لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً هُمْ ناسِكُوهُ) ٢٢: ٦٧ وقال (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها) ٢: ١٤٨ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي تَفْسِيرِهَا.

وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الشَّرَائِعَ وَإِنْ تَنَوَّعَتْ فِي أَوْقَاتِهَا إِلَّا أَنَّ الْجَمِيعَ آمِرَةٌ بِعِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَهُوَ دِينُ الْإِسْلَامِ الَّذِي شَرَعَهُ اللَّهُ لِجَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ وَهُوَ الدِّينُ الَّذِي لَا يَقْبَلُ اللَّهُ غَيْرَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى وَمن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ في الْآخِرَةِ من الْخاسِرِينَ ٣: ٨٥ وَقَالَ تَعَالَى وَمن يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْناهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ. إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ٢: ١٣٠- ١٣٢ وَقَالَ تَعَالَى إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا ٥: ٤٤ الآية. فَدِينُ الْإِسْلَامِ هُوَ عِبَادَةُ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَهُوَ الْإِخْلَاصُ لَهُ وَحْدَهُ دُونَ مَا سِوَاهُ وَالْإِحْسَانُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَلِهَذَا لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْ أَحَدٍ عَمَلًا بَعْدَ أَنْ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا شَرَعَهُ لَهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ الله إِلَيْكُمْ جَمِيعاً ٧: ١٥٨ وَقَالَ تَعَالَى وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمن بَلَغَ ٦: ١٩ وَقَالَ تَعَالَى وَمن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ) ١١: ١٧. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (بُعِثْتُ إِلَى الْأَحْمَرِ وَالْأَسْوَدِ) . قِيلَ أَرَادَ الْعَرَبَ وَالْعَجَمَ.

وَقِيلَ الْإِنْسَ وَالْجِنَّ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَصْبَحَ فِيكُمْ مُوسَى ثُمَّ اتَّبَعْتُمُوهُ وَتَرَكْتُمُونِي لَضَلَلْتُمْ) وَالْأَحَادِيثُ فِي هَذَا كَثِيرَةٌ جِدًّا وَالْمَقْصُودُ أَنَّ إِخْوَةَ الْعَلَّاتِ أَنْ يَكُونُوا مِنْ أَبٍ وَاحِدٍ وَأُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى مَأْخُوذٌ مِنْ شُرْبِ الْعَلَلِ بَعْدَ النَّهَلِ وَأَمَّا إِخْوَةُ الْأَخْيَافِ فَعَكْسُ هَذَا أَنْ تَكُونَ أُمُّهُمْ وَاحِدَةً مِنْ آبَاءٍ شَتَّى. وَإِخْوَةُ الْأَعْيَانِ فَهُمُ الْأَشِقَّاءُ مِنْ أَبٍ وَاحِدٍ وَأُمٍّ وَاحِدَةٍ وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ نَحْنُ مُعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا فَهُوَ صَدَقَةٌ وَهَذَا مِنْ خَصَائِصِ الْأَنْبِيَاءِ أَنَّهُمْ لَا يُورَثُونَ وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِأَنَّ الدُّنْيَا أَحْقَرُ عِنْدَهُمْ مِنْ أَنْ تَكُونَ مُخَلَّفَةً عَنْهُمْ وَلِأَنَّ تَوَكُّلَهُمْ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَرَارِيِّهِمْ أَعْظَمُ وَأَشَدُّ وَآكَدُ مِنْ أَنْ يَحْتَاجُوا مَعَهُ إِلَى أَنْ يَتْرُكُوا لِوَرَثَتِهِمْ مِنْ بَعْدِهِمْ ما لا يَسْتَأْثِرُونَ بِهِ عَنِ النَّاسِ بَلْ يَكُونُ جَمِيعُ ما تركوه صدقة لفقراء الناس ومحاويجهم وذو خَلَّتِهِمْ. وَسَنَذْكُرُ جَمِيعَ مَا يَخْتَصُّ بِالْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ مَعَ خَصَائِصِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ النِّكَاحِ مِنْ كِتَابِ الْأَحْكَامِ الْكَبِيرِ حَيْثُ ذَكَرَهُ الْأَئِمَّةُ مِنَ الْمُصَنِّفِينَ اقْتِدَاءً بِالْإِمَامِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيِّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أن عَبْدِ رَبِّ الْكَعْبَةِ قَالَ انْتَهَيْتُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَهُوَ جَالِسٌ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ بَيْنَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ إِذْ نَزَلَ مَنْزِلًا فَمِنَّا مَنْ يَضْرِبُ خِبَاءَهُ وَمِنَّا مَنْ هُوَ فِي جَشَرِهِ وَمِنَّا مَنْ يَنْتَضِلُ إِذْ نَادَى مُنَادِيهِ الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ قَالَ فَاجْتَمَعْنَا قَالَ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَطَبَنَا فَقَالَ (إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نبي قبلي إلا دل

<<  <  ج: ص:  >  >>