للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حين يركب فكان ذلك آخر ما يصنع حين يتوجه الى سفره. وإذا قدم من سفره تمسح به فكان ذلك أول ما يبدأ به قبل ان يدخل على أهله. قال فلما بعث الله محمدا بالتوحيد قالت قريش ﴿أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ﴾.

قال ابن إسحاق: وقد كانت العرب اتخذت مع الكعبة طواغيت وهي بيوت تعظمها كتعظيم الكعبة لها سدنة وحجاب، وتهدى لها كما تهدى للكعبة وتطوف بها كطوافها بها وتنحر عندها. وهي مع ذلك تعرف فضل الكعبة عليها لأنها بناء إبراهيم الخليل ومسجده. وكانت لقريش وبنى كنانة العزى بنخلة وكانت سدنتها وحجابها بنى شيبان من سليم حلفاء بنى هاشم وقد خربها خالد بن الوليد زمن الفتح كما سيأتي. قال: وكانت اللات لثقيف بالطائف وكانت سدنتها وحجابها بنى معتب من ثقيف وخربها أبو سفيان والمغيرة بن شعبة بعد مجيء أهل الطائف كما سيأتي. قال: وكانت مناة للأوس والخزرج ومن دان بدينهم من أهل المدينة على ساحل البحر من ناحية المشلل بقديد وقد خربها أبو سفيان أيضا وقيل على بن أبى طالب كما سيأتي. قال: وكان ذو الخلصة لدوس وخثعم وبجيلة ومن كان ببلادهم من العرب بتبالة وكان يقال له الكعبة اليمانية، ولبيت مكة الكعبة الشامية وقد خربه جرير بن عبد الله البجلي كما سيأتي قال. وكان قلس لطى ومن يليها بجبلي طى بين اجا وسلمى، وهما جبلان مشهوران كما تقدم. قال: وكان رآم بيتا لحمير وأهل اليمن كما تقدم ذكره في قصة تبع أحد ملوك حمير وقصة الحبرين حين خرباه وقتلا منه كلبا أسود. قال: وكانت رضاء بيتا لبني ربيعة بن كعب بن سعد ابن زيد مناة بن تميم ولها يقول المستوغر واسمه كعب بن ربيعة بن كعب:

ولقد شددت على رضاء شدة … فتركتها قفرا بقاع اسحما

وأعان عبد الله في مكروهها … وبمثل عبد الله أغشى المحرما

ويقال إن المستوغر هذا عاش ثلاثمائة سنة وثلاثين سنة وكان أطول مضر كلها عمرا وهو الّذي يقول:

ولقد سئمت من الحياة وطولها … وعمرت من عدد السنين مئينا

مائة حدتها بعدها مائتان لي … وازددت من عدد الشهور سنينا

هل ما بقي الا كما قد فاتنا … يوم يمر وليلة تحدونا

قال ابن هشام: ويروى هذه الأبيات لزهير بن جناب بن هبل. قال السهيليّ: ومن المعمرين الذين جازوا المائتين والثلاثمائة زهير هذا وعبيد بن شربة ودغفل بن حنظلة النسابة والربيع بن ضبع الفزاري وذو الأصبع العدوانيّ ونصر بن دهمان بن أشجع بن ريث بن غطفان، وكان قد اسود شعره بعد ابيضاضه وتقوم ظهره بعد اعوجاجه. وقال: وكان ذو الكعبات لبكر وتغلب بن وائل وأياد بسنداد وله يقول أعشى بن قيس بن ثعلبة:

<<  <  ج: ص:  >  >>