للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأي الناس فاتونا بوتر … وأي الناس لم نعلك لجاما

ألسنا الناسئين على معد … شهور الحل نجعلها حراما

وكان قصي في قومه سيدا رئيسا مطاعا معظما والمقصود أنه جمع قريشا من متفرقات مواضعهم من جزيرة العرب واستعان بمن أطاعه من أحياء العرب على حرب خزاعة واجلائهم عن البيت وتسليمه الى قصي فكان بينهم قتال كثيرة ودماء غزيرة ثم تداعوا الى التحكيم فتحاكموا الى يعمر بن عوف بن كعب ابن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة فحكم بان قصيا أولى بالبيت من خزاعة وان كل دم أصابه قصي من خزاعة وبنى بكر موضوع بشدخه تحت قدميه وأن ما أصابته خزاعة وبنو بكر من قريش وكنانة وقضاعة ففيه الدية مؤداة وأن يخلى بين قصي وبين مكة والكعبة فسمى يعمر يومئذ الشداخ.

قال ابن إسحاق: فولى قصي البيت وأمر مكة وجمع قومه من منازلهم الى مكة وتملك على قومه وأهل مكة فملكوه الا أنه أقر العرب على ما كانوا عليه لانه يرى ذلك دينا في نفسه لا ينبغي تغييره فأقر آل صفوان وعدوان والنسأة ومرة بن عوف على ما كانوا عليه حتى جاء الإسلام فهدم الله به ذلك كله قال فكان قصي أول بنى كعب أصاب ملكا أطاع له به قومه وكانت اليه الحجابة والسقاية والرفادة والندوة واللواء فحاز شرف مكة كله وقطع مكة رباعا بين قومه فانزل كل قوم من قريش منازلهم من مكة.

قلت: فرجع الحق الى نصابه، ورد شارد العدل بعد إيابه، واستقرت بقريش الدار، وقضت من خزاعة المراد والأوطار، وتسلمت بيتهم العتيق القديم لكن بما أحدثت خزاعة من عبادة الأوثان ونصبها إياها حول الكعبة ونحرهم لها وتضرعهم عندها واستنصارهم بها وطلبهم الرزق منها وأنزل قصي قبائل قريش أباطح مكة وأنزل طائفة منهم ظواهرها فكان يقال قريش البطاح وقريش الظواهر فكانت لقصي بن كلاب جميع الرئاسة من حجابة البيت وسدانته واللواء وبنى دارا لازاحة الظلمات وفصل الخصومات سماها دار الندوة إذا أعضلت قضية اجتمع الرؤساء من كل قبيلة فاشتوروا فيها وفصلوها ولا يعقد عقد لواء ولا عقد نكاح الا بها ولا تبلغ جارية أن تدرع فتدرع الا بها وكان باب هذه الدار الى المسجد الحرام ثم صارت هذه الدار فيما بعد الى حكيم بن حزام بعد بنى عبد الدار فباعها في زمن معاوية بمائة ألف درهم فلامه على بيعها معاوية، وقال بعت شرف قومك بمائة ألف؟ فقال انما الشرف اليوم بالتقوى والله لقد ابتعتها في الجاهلية بزق خمر وها أنا قد بعتها بمائة ألف وأشهدكم أن ثمنها صدقة في سبيل الله فأينا المغبون ذكره الدارقطنيّ في أسماء رجال الموطأ وكانت اليه سقاية الحجيج فلا يشربون الا من ماء حياضه وكانت زمزم إذ ذاك مطموسة من زمن جرهم قد تناسوا أمرها من تقادم عهدها ولا يهتدون الى موضعها قال الواقدي: وكان قصي أول من أحدث وقيد النار بالمزدلفة ليهتدى اليها من يأتى من عرفات والرفادة وهي إطعام الحجيج أيام الموسم الى أن يخرجوا راجعين الى بلادهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>