للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حاتم حدثينا عن حاتم قالت كل أمره كان عجبا أصابتنا سنة حصت كل شيء فاقشعرت لها الأرض واغبرت لها السماء وضنت المراضع على أولادها وراحت الإبل حدبا حدابير ما تبض بقطرة وحلقت المال وأنا لفي ليلة صنّبر بعيدة ما بين الطرفين إذ تضاغى الأصبية من الجوع عبد الله وعدي وسفانة فو الله إن وجدنا شيئا نعللهم به فقام الى أحد الصبيان فحمله وقمت الى الصبية فعللتها فو الله إن سكتا الا بعد هدأة من الليل ثم عدنا الى الصبى الآخر فعللناه حتى سكت وما كاد ثم افترشنا قطيفة لنا شامية ذات خمل فاضجعنا الصبيان عليها ونمت أنا وهو في حجرة والصبيان بيننا ثم اقبل عليّ يعللنى لأنام وعرفت ما يريد فتناومت فقال ما لك أنمت فسكت فقال ما أراها إلا قد نامت وما بي نوم فلما أدلهم الليل وتهورت النجوم وهدأت الأصوات وسكنت الرجل إذ جانب البيت قد رفع فقال من هذا؟ فولى حتى قلت إذا قد اسحرنا أو كدنا عاد فقال من هذا؟ قالت جارتك فلانة يا أبا عدي ما وجدت على أحد معولا غيرك أتيتك من عند اصبية يتعاوون عواء الذئاب من الجوع قال أعجليهم على قالت النوار فوثبت فقلت ماذا صنعت أضطجع والله لقد تضاغى أصبيتك فما وجدت ما تعللهم فكيف بهذه وبولدها فقال اسكتي فو الله لأشبعنك ان شاء الله قالت فأقبلت تحمل اثنين وتمشى جنبتيها أربعة كأنها نعامة حولها رئالها فقام الى فرسه فوجأ بحربته في لبته ثم قدح زنده وأورى ناره ثم جاء بمدية فكشط عن جلده ثم دفع المدية الى المرأة ثم قال دونك ثم قال ابعثي صبيانك فبعثتهم ثم قال سوءة أتأكلون شيئا دون أهل الصرم فجعل يطوف فيهم حتى هبوا وأقبلوا عليه والتفع في ثوبه ثم اضطجع ناحية ينظر إلينا والله ما ذاق مزعة وانه لأحوجهم اليه فأصبحنا وما على الأرض منه الأعظم وحافر.

وقال الدارقطنيّ: حدثني القاضي أبو عبد الله المحاملي حدثنا عبد الله بن أبى سعد وحدثنا عثيم بن ثوابة بن حاتم الطائي عن أبيه عن جده قال قالت امرأة حاتم لحاتم يا أبا سفانة اشتهى ان آكل أنا وأنت طعاما وحدنا ليس عليه أحد فأمرها فحولت خيمتها من الجماعة على فرسخ وأمر بالطعام فهيّئ وهي مرخاة ستورها عليه وعليها فلما قارب نضج الطعام كشف عن رأسه ثم قال:

فلا تطبخى قدري وسترك دونها … على اذن ما تطبخين حرام

ولكن بهذاك اليفاع فاوقدى … بجزل إذا أوقدت لا بضرام

قال ثم كشف الستور وقدم الطعام ودعي الناس فأكل وأكلوا فقالت ما أتممت لي ما قلت فأجابها فانى لا تطاوعني نفسي ونفسي أكرم على من أن يثنى على هذا وقد سبق لي السخاء ثم أنشأ يقول:

أمارس نفسي البخل حتى أعزها … واترك نفس الجود ما استثيرها

ولا تشتكينى جارتى غير أنها … إذا غاب عنها بعلها لا أزورها

سيبلغها خيرى ويرجع بعلها … إليها ولم تقصر عليها ستورها

<<  <  ج: ص:  >  >>