فقوله: القساور جمع قسورة وهو الأسد. والصدعان ثيران الوحش واحدها صدع. والطفل الشكل من حمرة العين، والبغاث الرخم، والنياف الجبال، واليعفر الظبي، والعوهج ولد النعامة. يعنى أن الموت لا ينجو منه الوحوش في البراري ولا الرخم الساكنة في رءوس الجبال ولا يترك صغيرا لصغره ولا كبيرا لكبره. وقد تكلم الخطابي وغيره على غريب هذه الأحاديث. وقد ذكر السهيليّ في كتابه التعريف والأعلام: أن أمية بن أبى الصلت أول من قال باسمك اللهمّ، وذكر عند ذلك قصة غريبة وهو أنهم خرجوا في جماعة من قريش في سفر فيهم حرب بن أمية والد أبى سفيان قال فمروا في مسيرهم بحية فقتلوها فلما امسوا جاءتهم امرأة من الجان فعاتبتهم في قتل تلك الحية ومعها قضيب فضربت به الأرض ضربة نفرت الإبل عن آخرها فذهبت وشردت كل مذهب وقاموا فلم يزالوا في طلبها حتى ردوها فلما اجتمعوا جاءتهم أيضا فضربت الأرض بقضيبها فنفرت الإبل فذهبوا في طلبها فلما أعياهم ذلك قالوا والله هل عندك لما نحن فيه من مخرج فقال لا والله ولكن سأنظر في ذلك قال فساروا في تلك المحلة لعلهم يجدون أحدا يسألونه عما قد حل بهم من العناء إذا نار تلوح على بعد فجاءوها فإذا شيخ على باب خيمة يوقد نارا وإذا هو من الجان في غاية الضآلة والدمامة فسلموا عليه فسألهم عماهم فيه فقال إذا جاءتكم فقل باسمك اللهمّ فإنها تهرب فلما اجتمعوا وجاءتهم الثالثة أو الرابعة قال في وجهها أمية باسمك اللهمّ فشردت ولم يقر لها قرار لكن عدت الجن على حرب بن أمية فقتلوه بتلك الحية فقبره أصحابه هنالك حيث لا جار ولا دار ففي ذلك يقول الجان:
وقبر حرب بمكان قفر … وليس قرب قبر حرب قبر
وذكر بعضهم: انه كان يتفرس في بعض الأحيان في لغات الحيوانات فكان يمر في السفر على الطير فيقول لأصحابه: إن هذا يقول كذا وكذا فيقولون لا نعلم صدق ما يقول حتى مروا على قطيع غنم قد انقطعت منه شاة ومعها ولدها فالتفتت اليه فثغت كأنها تستحثه. فقال: أتدرون ما تقول له قالوا لا قال انها تقول أسرع بنا لا يجيء الذئب فيأكلك كما أكل الذئب أخاك عام أول فأسرعوا حتى سألوا الراعي هل أكل له الذئب عام أول حملا بتلك البقعة فقال نعم. قال: ومر يوما على بعير عليه امرأة راكبة وهو يرفع رأسه اليها ويرغو. فقال: انه يقول لها انك رحلتينى وفي الحداجة مخيط فانزلوا تلك المرأة وحلوا ذلك الرحل فإذا فيه مخيط كما قال وذكر ابن السكيت: ان أمية بن أبى الصلت بينما هو يشرب يوما إذ نعب غراب. فقال: له بفيك التراب مرتين. فقيل له ما يقول؟ فقال: انه يقول إنك تشرب هذا الكأس الّذي في يدك ثم تموت. ثم نعب الغراب فقال انه يقول وآية ذلك أنى أنزل على هذه المزبلة فآكل منها فيعلق عظم في حلقي فأموت.
ثم نزل الغراب على تلك المزبلة فأكل شيئا فعلق في حلقه عظم فمات. فقال: أمية أما هذا فقد صدق في