وقال محمد بن عثمان بن أبى شيبة: حدثنا احمد بن طارق الوابشي ثنا عمرو بن عطية عن أبيه عن ابن عمر عن زيد بن عمرو بن نفيل أنه كان يتأله في الجاهلية فانطلق حتى أتى رجلا من اليهود فقال له أحب أن تدخلني معك في دينك. فقال له اليهودي لا أدخلك في ديني حتى تبوء بنصيبك من غضب الله. فقال من غضب الله أفر. فانطلق حتى أتى نصرانيا فقال له أحب أن تدخلني معك في دينك، فقال لست أدخلك في ديني حتى تبوء بنصيبك من الضلالة. فقال من الضلالة أفر. قال له النصراني فانى أدلك على دين ان تبعته اهتديت. قال أي دين؟ قال دين إبراهيم قال فقال اللهمّ إني أشهدك أنى على دين إبراهيم عليه أحيى وعليه أموت. قال فذكر شأنه للنّبيّ ﷺ فقال: هو أمة وحده يوم القيامة. وقد روى موسى بن عقبة عن سالم عن ابن عمر نحو هذا وقال محمد بن سعد حدثنا على بن محمد بن عبد الله بن سيف القرشي عن إسماعيل عن مجالد عن الشعبي عن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب قال قال زيد بن عمرو بن نفيل:
شاممت اليهودية والنصرانية فكرهتهما فكنت بالشام وما والاها حتى أتيت راهبا في صومعة فذكرت له اغترابي عن قومي وكراهتي عبادة الأوثان واليهودية والنصرانية. فقال له: أراك تريد دين إبراهيم يا أخا أهل مكة انك لتطلب دينا ما يوجد اليوم (أحد يدين) به وهو دين أبيك إبراهيم كان حنيفا لم يكن يهوديا ولا نصرانيا كان يصلى ويسجد إلى هذا البيت الّذي ببلادك فالحق ببلدك فان الله يبعث من قومك في بلدك من يأتى بدين إبراهيم الحنيفية وهو أكرم الخلق على الله. وقال يونس عن ابن إسحاق حدثني بعض آل زيد بن عمرو بن نفيل: إن زيدا كان إذا دخل الكعبة قال لبيك حقا حقا، تعبدا ورقا، عذت بما عاذ به إبراهيم وهو قائم، إذ قال إلهي أنفي لك عان راغم، مهما تجشمنى فانى جاشم، البر أبغى لا انحال، ليس مهجر كمن قال. وقال أبو داود الطيالسي: حدثنا المسعودي عن نفيل بن هشام بن سعيد بن زيد بن عمرو ابن نفيل العدوي عن أبيه عن جده أن زيد بن عمرو وورقة بن نوفل خرجا يلتمسان الدين حتى انتهيا إلى راهب بالموصل، فقال لزيد بن عمرو من أين أقبلت يا صاحب البعير؟ فقال من بنية إبراهيم، فقال وما تلتمس قال ألتمس الدين قال ارجع فإنه يوشك أن يظهر في أرضك. قال فأما ورقة فتنصر وأما أنا فعزمت على النصرانية فلم يوافقني فرجع وهو يقول:
لبيك حقا حقا … تعبدا ورقا
--
البر أبغى لا أنحال … فهل مهجر كمن قال (١)
آمنت بما آمن به إبراهيم وهو يقول: أنفي لك عان راغم، مهما تجشمنى فانى جاشم، ثم يخر فيسجد قال وجاء ابنه يعنى سعيد بن زيد أحد العشرة ﵁ فقال: يا رسول الله إن أبى كما رأيت وكما بلغك فاستغفر له، قال نعم فإنه يبعث يوم القيامة أمة واحدة. قال وأتى زيد بن عمرو بن زيد على رسول الله ﷺ ومعه زيد بن حارثة وهما يأكلان من سفرة لهما، فدعواه لطعامهما فقال زيد بن عمرو: يا ابن
(١) في هامش الحلبية: المهجر من الهجر وهي شدة الحر. وقال: من القيلولة.