يبين لك وإن يك من الشيطان فلن يعود إليك فرجع ونام فأتى فقيل له:
احفر زمزم. إنك إن حفرتها لن تندم. وهي تراث من أبيك الأعظم. لا تنزف أبدا ولا تزم.
تسقى الحجيج الأعظم. مثل نعام جافل لم يقسم. ينذر فيها ناذر بمنعم. تكون ميراثا وعقدا محكم. ليست لبعض ما قد تعلم. وهي بين الفرث والدم.
قال ابن إسحاق: فزعموا أن عبد المطلب حين قيل له ذلك قال وأين هي؟ قيل له عند قرية النمل حيث ينقر الغراب غدا. فالله أعلم أي ذلك كان. قال فغدا عبد المطلب ومعه ابنه الحارث وليس له يومئذ ولد غيره. زاد الأموي ومولاه أصرم فوجد قرية النمل ووجد الغراب ينقر عندها بين الوثنين أساف ونائلة اللذين كانت قريش تنحر عندهما فجاء بالمعول وقام ليحفر حيث أمر فقامت اليه قريش وقالت والله لا نتركنك تحفر بين وثنينا اللذين ننحر عندهما فقال عبد المطلب. لابنه الحارث: زد عنى حتى احفر فو الله لأمضين لما أمرت به فلما عرفوا أنه غير نازع خلوا بينه وبين الحفر وكفوا عنه فلم يحفر إلا يسيرا حتى بدا له الطمى فكبر وعرف أنه قد صدق فلما تمادى به الحفر وجد فيها غزالتين من ذهب اللتين كانت جرهم قد دفنتهم ووجد فيها أسيافا قلعية وأدرعا. فقالت له قريش: يا عبد المطلب لنا معك في هذا شرك وحق قال لا ولكن هلم إلى أمر نصف بيني وبينكم نضرب عليها بالقداح قالوا وكيف نصنع قال اجعل للكعبة قدحين ولي قدحين ولكم قدحين فمن خرج قدحاه على شيء كان له ومن تخلف قدحاه فلا شيء له. قالوا: أنصفت فجعل للكعبة قدحين أصفرين وله أسودين ولهم أبيضين ثم أعطوا القداح للذي يضرب عند هبل وهبل أكبر أصنامهم ولهذا قال أبو سفيان يوم أحد: أعل هبل. يعنى هذا الصنم.
وقام عبد المطلب يدعو الله. وذكر يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق أن عبد المطلب جعل يقول:
اللهمّ أنت الملك المحمود … ربى أنت المبدئ المعيد
وممسك الراسية الجلمود … من عندك الطارف والتليد
إن شئت ألهمت كما ما تريد … لموضع الحلية والحديد
فبين اليوم لما تريد … إني نذرت العاهد المعهود
اجعله رب لي فلا أعود
قال وضرب صاحب القداح فخرج الأصفران على الغزالين للكعبة، وخرج الأسودان على الأسياف والادراع لعبد المطلب، وتخلف قدحا قريش. فضرب عبد المطلب الأسياف بابا للكعبة، وضرب في الباب الغزالين من ذهب فكان أول ذهب حلية للكعبة فيما يزعمون. ثم ان عبد المطلب أقام سقاية زمزم للحاج وذكر ابن إسحاق وغيره أن مكة كان فيها أبيار كثيرة قبل ظهور زمزم في زمن عبد المطلب ثم عددها ابن إسحاق وسماها وذكر أماكنها من مكة وحافريها الى أن قال فعفت زمزم على البئار كلها