للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خطيبهم زهير بن صرد فقال: يا رسول الله إن ما في الحظائر من السبايا خالاتك وحواضنك اللاتي كن يكفلنك، فلو أنا ملحنا (١) ابن أبى شمر، أو النعمان بن المنذر ثم أصابنا منهما مثل الّذي أصابنا منك رجونا عائدتهما وعطفهما، وأنت خير المكفولين. ثم أنشد:

امنن علينا رسول الله في كرم … فإنك المرء نرجوه وندخر

امنن على بيضة قد عاقها قدر … ممزق شملها في دهرها غير

أبقت لنا الدهر هتّافا على حزن … على قلوبهم الغماء والغمر

إن لم تداركها نعماء تنشرها … يا أرجح الناس حلما حين يختبر

امنن على نسوة قد كنت ترضعها … إذ فوك يملؤه من محضها درر

امنن على نسوة قد كنت ترضعها … وإذ يزينك ما تأتى وما تذر

لا تجعلنا كمن شالت نعامته … واستبق منّا فانا معشر زهر

إنا لنشكر للنعمى وإن كفرت … وعندنا بعد هذا اليوم مدخر

وقد

رويت هذه القصة من طريق عبيد الله بن رماحس الكلبي الرمليّ عن زياد بن طارق الجشمي عن أبى صرد زهير بن جرول - وكان رئيس قومه - قال لما أسرنا رسول الله يوم حنين فبينما هو يميز بين الرجال والنساء وثبت حتى قعدت بين يديه وأسمعته شعرا، أذكره حين شب ونشأ في هوازن حيث أرضعوه:

امنن علينا رسول الله في دعة … فإنك المرء نرجوه وننتظر

امنن على بيضة قد عاقها قدر … ممزق شملها في دهرها غير

أبقت لنا الحرب هتافا على حزن … على قلوبهم الغماء والغمر

إن لم تداركها نعماء تنشرها … يا أرجح الناس حلما حين يختبر

امنن على نسوة قد كنت ترضعها … إذ فوك تملؤه من محضها الدرر

إذ أنت طفل صغير كنت ترضعها … وإذ يزينك ما تأتى وما تذر

لا تجعلنا كمن شالت نعامته … واستبق منا فانا معشر زهر

إنا لنشكر للنعمى وإن كفرت … وعندنا بعد هذا اليوم مدخر

فألبس العفو من قد كنت ترضعه … من أمهاتك إن العفو مشتهر

إنا نؤمل عفوا منك تلبسه … هذي البرية إذ تعفو وتنتصر

فاغفر عفا الله عما أنت راهبه … يوم القيامة إذ يهدى لك الظفر


(١) يعنى أرضعنا. وابن أبى شمر هو الحارث الغساني.

<<  <  ج: ص:  >  >>