شجرة ولا حجر الأخر ساجدا، ولا يسجدون الا لنبي، وإني أعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه. ثم رجع فصنع لهم طعاما فلما أتاهم به - وكان هو في رعية الإبل - فقال أرسلوا اليه فاقبل وعمامة تظله. فلما دنا من القوم قال انظروا اليه عليه غمامة فلما دنا من القوم وجدهم قد سبقوه الى في الشجرة فلما جلس مال فيء الشجرة عليه. قال انظروا الى في الشجرة مال عليه قال فبينما هو قائم عليهم وهو ينشدهم ألا يذهبوا به الى الروم فان الروم إن رأوه عرفوه بالصفة فقتلوه فالتفت فإذا هو بسبعة نفر من الروم قد أقبلوا. قال فاستقبلهم فقال ما جاء بكم؟ قالوا جئنا أن هذا النبي خارج في هذا الشهر فلم يبق طريق الا بعث اليه ناس وإنا أخبرنا خبره الى طريقك هذه. قال فهل خلفكم أحد هو خير منكم؟ قالوا لا إنما أخبرنا خبره الى طريقك هذه. قال أفرأيتم أمرا أراد الله أن يقضيه هل يستطيع أحد من الناس رده؟ فقالوا لا. قال فبايعوه وأقاموا معه عنده. قال فقال الراهب أنشدكم الله أيكم وليه؟ قالوا أبو طالب. فلم يزل يناشده حتى رده وبعث معه أبو بكر بلالا وزوده الراهب من الكعك والزيت. هكذا رواه الترمذي عن أبى العباس الفضل بن سهل الأعرج عن قراد ابى نوح به. والحاكم والبيهقي. وابن عساكر من طريق أبى العباس محمد بن يعقوب الأصم عن عباس بن محمد الدوري به. وهكذا رواه غير واحد من الحفاظ من حديث أبى نوح عبد الرحمن بن غزوان الخزاعي مولاهم، ويقال له الضبيّ ويعرف بقراد. سكن بغداد وهو من الثقات الذين أخرج لهم البخاري، ووثقه جماعة من الأئمة والحفاظ ولم أر أحدا جرحه ومع هذا في حديثه هذا غرابة، قال الترمذي حسن غريب لا نعرفه الا من هذا الوجه. وقال عباس الدوري ليس في الدنيا أحد يحدث به غير قراد أبى نوح وقد سمعه منه أحمد بن حنبل ﵀ ويحيى بن معين لغرابته وانفراده حكاه البيهقي وابن عساكر.
قلت: فيه من الغرائب أنه من مرسلات الصحابة فان أبا موسى الأشعري إنما قدم في سنة خيبر سنة سبع من الهجرة. ولا يلتفت إلى قول ابن إسحاق في جعله له من المهاجرة إلى أرض الحبشة من مكة وعلى كل تقدير فهو مرسل. فان هذه القصة كانت ولرسول الله ﷺ من العمر فما ذكره بعضهم ثنتا عشرة سنة، ولعل أبا موسى تلقاه من النبي ﷺ فيكون أبلغ، أو من بعض كبار الصحابة ﵃، أو كان هذا مشهورا مذكورا أخذه من طريق الاستفاضة.
الثاني: أن الغمامة لم تذكر في حديث أصح من هذا.
الثالث: أن قوله وبعث معه أبو بكر بلالا إن كان عمره ﵊ إذ ذاك ثنتى عشرة سنة فقد كان عمر أبى بكر إذ ذاك تسع سنين أو عشرة، وعمر بلال أقل من ذلك، فأين كان أبو بكر إذ ذاك؟ ثم أين كان بلال؟ كلاهما غريب اللهمّ إلا أن يقال إن هذا كان ورسول الله ﷺ كبيرا. إما بأن يكون سفره بعد هذا أو إن كان القول بأن عمره كان إذ ذاك ثنتى عشرة سنة غير محفوظ، فإنه إنما