فقام في ذلك الزبير بن عبد المطلب وقال: ما لهذا مترك فاجتمعت هاشم وزهرة وتيم بن مرة في دار عبد الله بن جدعان فصنع لهم طعاما وتحالفوا في ذي القعدة في شهر حرام فتعاقدوا وتعاهدوا بالله ليكوننّ يدا واحدة مع المظلوم على الظالم حتى يؤدى اليه حقه ما بلّ بحر صوفة. وما رسى ثبير وحراء مكانهما. وعلى التأسي في المعاش. فسمت قريش ذلك الحلف حلف الفضول، وقالوا لقد دخل هؤلاء في فضل من الأمر. ثم مشوا إلى العاص بن وائل فانتزعوا منه سلعة الزبيدي فدفعوها اليه. وقال الزبير بن عبد المطلب في ذلك:
حلفت لنعقدن حلفا عليهم … وإن كنا جميعا أهل دار
نسميه الفضول إذا عقدنا … يعزبه الغريب لذي الجوار
ويعلم من حوالي البيت أنا … أباة الضيم نمنع كل عار
وقال الزبير أيضا:
إن الفضول تعاقدوا وتحالفوا … ألا يقيم ببطن مكة ظالم
أمر عليه تعاقدوا وتواثقوا … فالجار والمعترّ فيهم سالم
وذكر قاسم بن ثابت - في غريب الحديث -: أن رجلا من خثعم قدم مكة حاجا - أو معتمرا - ومعه ابنة له يقال لها القتول من أوضإ نساء العالمين، فاغتصبها منه نبيه بن الحجاج وغيبها عنه. فقال الخثعميّ: من يعدينى على هذا الرجل؟ فقيل له عليك بحلف الفضول. فوقف عند الكعبة ونادى يال حلف الفضول: فإذا هم يعنقون اليه من كل جانب، وقد انتضوا أسيافهم يقولون: جاءك الغوث فما لك؟ فقال إن نبيها ظلمني في بنتي وانتزعها منى قسرا فساروا معه حتى وقفوا على باب داره، فخرج اليهم فقالوا له أخرج الجارية ويحك فقد، علمت من نحن وما تعاقدنا عليه، فقال افعل، ولكن متعونى بها الليلة، فقالوا لا والله ولا شخب لقحة فأخرجها اليهم وهو يقول:
راح صحبي ولم أحيى القتولا … لم أودعهم وداعا جميلا
إذ أجد الفضول أن يمنعوها … قد أرانى ولا أخاف الفضولا
لا تخالى أنى عشية راح الركب … هنتم عليّ أن لا يزولا (١)
وذكر أبياتا أخر غير هذه. وقد قيل إنما سمى هذا حلف الفضول لأنه أشبه حلفا تحالفته جرهم على مثل هذا من نصر المظلوم على ظالمه. وكان الداعي اليه ثلاثة من أشرافهم اسم كل واحد منهم فضل:
وهم الفضل بن فضالة، والفضل بن وداعة، والفضل بن الحارث. هذا قول ابن قتيبة. وقال غيره
(١) كذا في الحلبية، والمصرية: ان لا يزولا. وفي السهيليّ: ان لا أقولا.