بين الركن الأسود والركن اليماني لبني مخزوم وقبائل من قريش انضموا اليهم. وكان ظهر الكعبة لبني جمح وسهم. وكان شق الحجر لبني عبد الدار بن قصي ولبني أسد بن عبد العزى ولبني عدي بن كعب، وهو الحطيم. ثم إن الناس هابوا هدمها وفرقوا منه. فقال الوليد بن المغيرة أنا أبدؤكم في هدمها فأخذ المعول ثم قام عليها وهو يقول: اللهم لم ترع اللهم إنا لا نريد إلا الخير. ثم هدم من ناحية الركنين فتربص الناس تلك الليلة، وقالوا: ننظر فان أصيب لم نهدم منها شيئا ورددناها كما كانت وإن لم يصبه شيء فقد رضى الله ما صنعنا من هدمها. فأصبح الوليد عاديا على عمله فهدم وهدم الناس معه - حتى إذا انتهى الهدم بهم إلى الأساس - أساس إبراهيم ﵇ أفضوا إلى حجارة خضر كالأسنة أخذ بعضها بعضا - ووقع في صحيح البخاري عن يزيد بن رومان كأسنمة الإبل - قال السهيليّ وأرى رواية السيرة كالألسنة وهما والله أعلم.
قال ابن إسحاق: فحدثني بعض من يروى الحديث أن رجلا من قريش ممن كان يهدمها أدخل عتلة بين حجرين منها ليقلع بها أحدهما، فلما تحرك الحجر انتفضت مكة بأسرها. فانتهوا عن ذلك الأساس.
وقال موسى بن عقبة: وزعم عبد الله بن عباس أن أولية قريش كانوا يحدثون أن رجلا من قريش لما اجتمعوا لينزعوا الحجارة إلى تأسيس إبراهيم وإسماعيل ﵉ عمد رجل منهم إلى حجر من الأساس الأول فرفعه وهو لا يدرى أنه من الأساس الأول، فأبصر القوم برقة تحت الحجر كادت تلتمع بصر الرجل، ونزا الحجر من يده فوقع في موضعه وفزع الرجل والبناة. فلما ستر الحجر عنهم ما تحته إلى مكانه عادوا إلى بنيانهم وقالوا لا تحركوا هذا الحجر ولا شيئا بحذائه.
قال ابن إسحاق: وحدثت أن قريشا وجدوا في الركن كتابا بالسريانية فلم يعرفوا ما هو، حتى قرأه لهم رجل من يهود، فإذا هو أنا الله ذو بكة، خلقتها يوم خلقت السماوات والأرض، وصورت الشمس والقمر، وحففتها بسبعة أملاك حنفاء لا تزول حتى يزول أخشباها - قال ابن هشام يعنى جبلاها - مبارك لأهلها في الماء واللبن.
قال ابن إسحاق: وحدثت أنهم وجدوا في المقام كتابا فيه: مكة الله الحرام، يأتيها رزقها من ثلاثة سبل، لا يحلها أول من أهلها. قال وزعم ليث بن أبى سليم أنهم وجدوا في الكعبة قبل مبعث النبي ﷺ بأربعين سنة - إن كان ما ذكر حقا - مكتوبا فيه: من يزرع خيرا يحصد غبطة، ومن يزرع شرا يحصد ندامة. يعملون السيئات ويجزون الحسنات؟ أجل كما يجتنى من الشوك العنب.
وقال سعيد بن يحيى الأموي: حدثنا المعتمر بن سليمان الرقى عن عبد الله بن بشر الزهري - يرفع الحديث إلى النبي ﷺ قال: «وجد في المقام ثلاثة أصفح، في الصفح الأول: إني أنا الله