للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مرتفعا لئلا يدخل اليها كل أحد فيدخلوا من شاءوا ويمنعوا من شاءوا وقد ثبت

في الصحيحين عن عائشة ان رسول الله قال لها: «ألم ترى أن قومك قصرت بهم النفقة. ولولا حدثان قومك بكفر لنقضت الكعبة وجعلت لها بابا شرقيا وبابا غربيا، وأدخلت فيها الحجر» ولهذا لما تمكن ابن الزبير بناها على ما أشار اليه رسول الله وجاءت في غاية البهاء والحسن والسناء كاملة على قواعد الخليل.

لها بابان ملتصقان بالأرض شرقيا وغربيا. يدخل الناس من هذا ويخرجون من الآخر. فلما قتل الحجاج ابن الزبير كتب الى عبد الملك بن مروان - وهو الخليفة يومئذ - فيما صنعه ابن الزبير واعتقدوا انه فعل ذلك من تلقاء نفسه. فامر بإعادتها الى ما كانت عليه فعمدوا الى الحائط الشامي فحصوه واخرجوا منه الحجر ورصوا حجارته في أرض الكعبة. فارتفع باباها وسدوا الغربي واستمر الشرقي على ما كان عليه فلما كان في زمن المهدي - أو ابنه المنصور - استشار مالكا في إعادتها على ما كان صنعه ابن الزبير. فقال مالك : إني اكره أن يتخذها الملوك ملعبة. فتركها على ما هي عليه. فهي الى الآن كذلك.

وأما المسجد الحرام: فأول من أخر البيوت من حول الكعبة عمر بن الخطاب ، اشتراها من أهلها وهدمها فلما كان عثمان اشترى دورا وزادها فيه. فلما ولى ابن الزبير أحكم بنيانه، وحسن جدرانه وأكثر أبوابه. ولم يوسعه شيئا آخر. فلما استبد بالأمر عبد الملك بن مروان زاد في ارتفاع جدرانه وامر بالكعبة فكسيت الديباج. وكان الّذي تولى ذلك بامره الحجاج بن يوسف. وقد ذكرنا قصة بناء البيت والأحاديث الواردة في ذلك في تفسير سورة البقرة عند قوله ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ﴾ وذكرنا ذلك مطولا مستقصى فمن شاء كتبه هاهنا ولله الحمد والمنة.

قال ابن إسحاق: فلما فرغوا من البنيان وبنوها على ما أرادوا قال الزبير بن عبد المطّلب، فيما كان من أمر الحية التي كانت قريش تهاب بنيان الكعبة لها:

عجبت لما تصوبت العقاب … الى الثعبان وهي لها اضطراب

وقد كانت تكون لها كشيش … وأحيانا يكون لها وثاب

إذا قمنا الى التأسيس شدت … تهيبنا البناء وقد نهاب

فلما ان خشينا الزجر جاءت … عقاب تتلئب لها انصباب

فضمتها اليها ثم خلت … لنا البنيان ليس لها حجاب

فقمنا حاشدين الى بناء … لنا منه القواعد والتراب

غداة يرفع التأسيس منه … وليس على مساوينا ثياب

أعز به المليك بنى لؤيّ … فليس لأصله منهم ذهاب

وقد حشدت هناك بنو عدي … ومرة قد تقدمها كلاب

<<  <  ج: ص:  >  >>