للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عمر بن قتادة الأنصاري عن محمود بن لبيد عن عبد الله بن عباس. قال حدثني سلمان الفارسي - من فيه - قال كنت رجلا فارسيا من أهل أصبهان من أهل قرية يقال لها جى وكان أبى دهقان قريته وكنت أحب خلق الله اليه، فلم يزل حبه إياي حتى حبسني في بيته كما تحبس الجارية، واجتهدت في المجوسية، حتى كنت قطن النار التي يوقدها لا يتركها تخبو ساعة قال وكانت لأبى ضيعة عظيمة، قال فشغل في بنيان له يوما فقال لي يا بنى إني قد شغلت في بنياني هذا اليوم عن ضيعتي، فاذهب اليها فاطلعها، وأمرنى فيها ببعض ما يريد. ثم قال لي ولا تحتبس عنى فإنك إن احتبست عنى كنت أهم إلى من ضيعتي وشغلتني عن كل شيء من أمرى. قال فخرجت أريد ضيعته التي بعثني اليها فمررت بكنيسة من كنائس النصارى فسمعت أصواتهم فيها وهم يصلون. وكنت لا أدرى ما أمر الناس لحبس أبى إياي في بيته، فلما سمعت أصواتهم دخلت عليهم انظر ما يصنعون فلما رأيتهم أعجبتنى صلاتهم ورغبت في أمرهم.

وقلت هذا والله خير من الدين الّذي نحن عليه، فو الله ما برحتهم حتى غربت الشمس وتركت ضيعة أبى فلم آتها. ثم قلت لهم أين أصل هذا الدين؟ قالوا بالشام، فرجعت إلى أبى وقد بعث في طلبى وشغلته عن أمره كله. فلما جئت قال أي بنى أين كنت ألم أكن أعهد إليك ما عهدته؟ قال قلت يا أبة مررت بأناس يصلون في كنيسة لهم فأعجبني ما رأيت من دينهم فو الله ما زلت عندهم حتى غربت الشمس قال أي بنى، ليس في ذلك الدين خير، دينك ودين آبائك خير منه. قال قلت كلا والله إنه لخير من ديننا. قال فخافني فجعل في رجلي قيدا ثم حبسني في بيته. قال وبعثت إلى النصارى فقلت لهم: إذا قدم عليكم ركب من الشام فأخبروني بهم. قال فقدم عليهم ركب من الشام فجاءوني النصارى فأخبروني بهم.

فقلت إذا قضوا حوائجهم وأرادوا الرجعة إلى بلادهم فآذنونى قال فلما أرادوا الرجعة إلى بلادهم أخبرونى بهم فألقيت الحديد من رجلي ثم خرجت معهم حتى قدمت الشام، فلما قدمتها قلت من أفضل أهل هذا الدين علما؟ قالوا الأسقف في الكنيسة. قال فجئته فقلت له إني قد رغبت في هذا الدين وأحببت أن أكون معك وأخدمك في كنيستك وأتعلم منك فأصلى معك. قال ادخل فدخلت معه فكان رجل سوء يأمرهم بالصدقة ويرغبهم فيها، فإذا جمعوا له شيئا كنزه لنفسه ولم يعطه المساكين حتى جمع سبع قلال من ذهب وورق، قال وأبغضته بغضا شديدا لما رأيته يصنع. ثم مات واجتمعت له النصارى ليدفنوه. فقلت لهم إن هذا كان رجل سوء يأمركم بالصدقة ويرغبكم فيها فإذا جئتموه بها كنزها لنفسه ولم يعط المساكين منها شيئا. قال فقالوا لي وما علمك بذلك؟ قال فقلت لهم انا أدلكم على كنزه، قالوا فدلنا. قال فأريتهم موضعه فاستخرجوا سبع قلال مملوءة ذهبا وورقا، فلما رأوها قالوا لا ندفنه أبدا قال فصلبوه ورجموه بالحجارة. وجاءوا برجل آخر فوضعوه مكانه. قال سلمان فما رأيت رجلا لا يصلى الخمس أرى أنه أفضل منه أزهد في الدنيا ولا أرغب في الاخرة ولا أدأب ليلا ونهارا. قال فأحببته حبا

<<  <  ج: ص:  >  >>