للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال فحرك قوله منى شيئا ونمت فلما كانت الليلة الثالثة أتانى فضربني برجله ثم قال يا سواد بن قارب أتعقل أم لا تعقل؟ قلت وما ذاك؟ قال ظهر بمكة نبي يدعو إلى عبادة ربه فالحق به، اسمع أقل لك.

قلت هات قال:

عجبت للجن وتنفارها … ورحلها العيس بأكوارها

تهوى إلى مكة تبغي الهدى … ما مؤمنو الجن ككفارها

فارحل إلى الصفوة من هاشم … بين روابيها وأحجارها

قال فعلمت أن الله قد أراد بى خيرا. فقمت إلى بردة لي ففتقتها ولبستها ووضعت رجلي في غرز ركاب الناقة.

وأقبلت حتى انتهيت إلى النبي فعرض على الإسلام فأسلمت، وأخبرته الخبر فقال «إذا اجتمع المسلمون فأخبرهم» فلما اجتمع المسلمون قمت فقلت:

أتانى نجيي بعد هدء ورقدة … ولم يك فيما قد بلوت بكاذب

ثلاث ليال قوله كل ليلة … أتاك رسول من لؤيّ بن غالب

فشمرت عن ذيلي الازار ووسطت … بى الذعلب الوجناء غير السباسب (١)

واعلم أن الله لا رب غيره … وأنك مأمون على كل غائب

وأنك أدنى المرسلين وسيلة … إلى الله يا ابن الأكرمين الأطايب

فمرنا بما يأتيك يا خير مرسل … وإن كان فيما جاء شيب الذوائب (٢)

قال فسر المسلمون بذلك، فقال عمر هل تحس اليوم منها بشيء؟ قال أما إذ علمني الله القرآن فلا وقد

رواه محمد بن السائب الكلبي عن أبيه عن عمر بن حفص. قال لما ورد سواد بن قارب على عمر قال: يا سواد بن قارب ما بقي من كهانتك؟ فغضب وقال ما أظنك يا أمير المؤمنين استقبلت أحدا من العرب بمثل هذا، فلما رأى ما في وجهه من الغضب، قال: انظر سوّاد للذي كنا عليه قبل اليوم من الشرك أعظم. ثم قال يا سواد حدثني حديثا كنت أشتهى أسمعه منك، قال نعم، بين أنا في إبل لي بالسراة ليلا وأنا نائم وكان لي نجى من الجن أتانى فضربني برجله فقال لي قم يا سواد بن قارب فقد ظهر بتهامة نبي يدعو الى الحق والى طريق مستقيم، فذكر القصة كما تقدم وزاد في آخر الشعر:

وكن لي شفيعا يوم لا ذو قرابة … سواك بمغن عن سواد بن قارب (٣)


(١) كذا في الأصلين. والّذي في السهيليّ:
فرفعت أذيال الازار وشمرت … بى العرمس الوجنا هجول السباسب
(٢) في السهيليّ:
فمرنا بما يأتيك من وحي ربنا … وان كان فيما جئت شيب الذوائب
(٣) في السهيليّ: بمغن فتيلا عن سواد بن قارب.

<<  <  ج: ص:  >  >>