للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَرَجْنَا فِي عِيرٍ إِلَى الشَّامِ- قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمَّا كُنَّا بِأَفْوَاهِ الشَّامِ- وَبِهَا كَاهِنَةٌ- فَتَعَرَّضَتْنَا، فَقَالَتْ أَتَانِي صَاحِبِي فَوَقَفَ عَلَى بَابِي، فَقُلْتُ أَلَا تَدْخُلُ فَقَالَ لَا سَبِيلَ إِلَى ذَلِكَ، خَرَجَ أَحْمَدُ وَجَاءَ أَمْرٌ لَا يُطَاقُ، ثُمَّ انْصَرَفْتُ فَرَجَعْتُ إِلَى مَكَّةَ فَوَجَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ خَرَجَ بِمَكَّةَ يَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّهْرِيِّ. قَالَ: كَانَ الْوَحْيُ يُسْمَعُ فَلَمَّا كَانَ الْإِسْلَامُ مُنِعُوا وَكَانَتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ يُقَالَ لَهَا سُعَيْرَةُ لَهَا تَابِعٌ مِنَ الْجِنِّ، فَلَمَّا رَأَى الْوَحْيَ لَا يُسْتَطَاعُ أَتَاهَا فَدَخَلَ فِي صَدْرِهَا فَضَجَّ فِي صَدْرِهَا فَذَهَبَ عَقْلُهَا فَجَعَلَ يَقُولُ مِنْ صَدْرِهَا: وُضِعَ الْعِنَاقُ وَمُنِعَ الرِّفَاقُ وَجَاءَ أَمْرٌ لَا يُطَاقُ وَأَحْمَدُ حَرَّمَ الزِّنَا.

وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْخَرَائِطِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَلَوِيُّ- بِمِصْرَ- حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يَزِيدَ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ مِرْدَاسِ بْنِ قَيْسٍ السَّدُوسِيِّ قَالَ حَضَرْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَدْ ذُكِرَتْ عِنْدَهُ الْكِهَانَةُ وَمَا كَانَ مِنْ تَغْيِيرِهَا عِنْدَ مَخْرِجِهِ- فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ كَانَ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ شَيْءٌ أَخْبِرُكَ أَنَّ جَارِيَةً مِنَّا يُقَالَ لَهَا الْخَلَصَةُ لَمْ يُعْلَمْ عَلَيْهَا إِلَّا خيرا، إذ جَاءَتْنَا فَقَالَتْ يَا مَعْشَرَ دَوْسٍ الْعَجَبُ الْعَجَبُ لِمَا أَصَابَنِي، هَلْ عَلِمْتُمْ إِلَّا خَيْرًا؟ قُلْنَا وَمَا ذَاكَ؟ قَالَتْ إِنِّي لَفِي غَنَمِي إِذْ غَشِيَتْنِي ظُلْمَةٌ وَوَجَدْتُ كَحِسِّ الرَّجُلِ مَعَ الْمَرْأَةِ فَقَدْ خَشِيتُ أَنْ أَكُونَ قَدْ حَبِلْتُ. حَتَّى إِذَا دَنَتْ وِلَادَتُهَا وَضَعَتْ غُلَامًا أَغْضَفَ لَهُ أُذُنَانِ كَأُذُنَيِ الْكَلْبِ فَمَكَثَ فِينَا حَتَّى إِنَّهُ لَيَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ إِذْ وَثَبَ وَثْبَةً وَأَلْقَى إِزَارَهُ وَصَاحَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ وَجَعَلَ يَقُولُ: يَا وَيْلَةْ يَا وَيْلَةْ، يَا عَوْلَةْ يَا عَوْلَةْ، يَا وَيْلَ غَنْمٍ، يَا وَيْلَ فَهْمٍ، مِنْ قَابِسِ النَّارِ. الْخَيْلُ وَاللَّهِ وَرَاءَ الْعَقَبَةِ، فِيهِنَّ فتيان حسان نجبة. قال فركبنا وأخذنا للاداة وَقُلْنَا يَا وَيْلَكَ مَا تَرَى فَقَالَ [هَلْ] مِنْ جَارِيَةٍ طَامِثٍ فَقُلْنَا وَمَنْ لَنَا بِهَا؟ فَقَالَ شَيْخٌ مِنَّا هِيَ وَاللَّهِ عِنْدِي عَفِيفَةُ الْأُمِّ فَقُلْنَا فَعَجِّلْهَا فَأَتَى بِالْجَارِيَةِ وَطَلَعَ الْجَبَلَ وَقَالَ لِلْجَارِيَةِ اطْرَحِي ثَوْبَكِ وَاخْرُجِي فِي وُجُوهِهِمْ، وقال للقوم اتَّبِعُوا أَثَرَهَا، وَقَالَ لِرَجُلٍ مِنَّا يُقَالَ لَهُ احمد بن حابس يا احمد بن حابس عليك أول فارس. فحمل احمد فَطَعَنَ أَوَّلَ فَارِسٍ فَصَرَعَهُ وَانْهَزَمُوا فَغَنِمْنَاهُمْ. قَالَ فَابْتَنَيْنَا عَلَيْهِمْ بَيْتًا وَسَمَّيْنَاهُ ذَا الْخَلَصَةِ، وَكَانَ لَا يَقُولُ لَنَا شَيْئًا إِلَّا كَانَ كَمَا يَقُولُ حَتَّى إِذَا كَانَ مَبْعَثُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لَنَا يَوْمًا يَا مَعْشَرَ دَوْسٍ نزلت بنوا الحارث بن كعب فَرَكِبْنَا فَقَالَ لَنَا أَكْدِسُوا الْخَيْلَ كَدْسًا، احْشُوَا القوم رمسا، أنفوهم غَدِيَّةً وَاشْرَبُوا الْخَمْرَ عَشِيَّةً. قَالَ فَلَقِينَاهُمْ فَهَزَمُونَا وَغَلَبُونَا فَرَجَعْنَا إِلَيْهِ فَقُلْنَا مَا حَالُكَ وَمَا الَّذِي صَنَعْتَ بِنَا فَنَظَرْنَا إِلَيْهِ وَقَدِ احْمَرَّتْ عيناه وانتصبت أذناه وانبرم غضبانا حَتَّى كَادَ أَنْ يَنْفَطِرَ وَقَامَ فَرَكِبْنَا وَاغْتَفَرْنَا هَذِهِ لَهُ وَمَكَثْنَا بَعْدَ ذَلِكَ حِينًا ثُمَّ دَعَانَا فَقَالَ هَلْ لَكَمَ فِي غَزْوَةٍ تَهَبُ لَكُمْ عِزًّا وَتَجْعَلُ لَكُمْ حِرْزًا وَيَكُونُ فِي أَيْدِيكُمْ كَنْزًا؟ فَقُلْنَا مَا أَحْوَجَنَا إِلَى ذَلِكَ فَقَالَ ارْكَبُوا فَرَكِبْنَا فَقُلْنَا مَا تَقُولُ فَقَالَ بَنُو الْحَارِثِ بْنِ مَسْلَمَةَ، ثُمَّ قَالَ قِفُوا فوقفنا

<<  <  ج: ص:  >  >>