للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من قومي بنى حارثة الى رسول الله وهو بالمدينة فدخلنا المسجد فلما رآني رسول الله قال لي: «يا عباس كيف كان إسلامك»؟ فقصصت عليه القصة. قال فسر بذلك وأسلمت أنا وقومي. ورواه الحافظ أبو نعيم في الدلائل من حديث أبى بكر بن أبى عاصم عن عمرو بن عثمان به. ثم رواه أيضا من طريق الأصمعي حدثني الوصافي عن منصور بن المعتمر عن قبيصة بن عمرو بن إسحاق الخزاعي عن العباس بن مرداس السلمي. قال: أول إسلامي ان مرداسا أبى لما حضرته الوفاة أوصاني بصنم له يقال ضماد فجعلته في بيت وجعلت آتيه كل يوم مرة فلما ظهر النبي سمعت صوتا مرسلا في جوف الليل راعني فوثبت الى ضماد مستغيثا وإذا بالصوت من جوفه وهو يقول:

قل للقبيلة من سليم كلها … هلك الأنيس وعاش أهل المسجد

أودى ضماد وكان يعبد مرة … قبل الكتاب الى النبي محمد

ان الّذي ورث النبوة والهدى … بعد ابن مريم من قريش مهتد

قال فكتمته الناس فلما رجع الناس من الأحزاب بينا انا في ابلى بطرف العقيق من ذات عرق راقدا سمعت صوتا وإذا برجل على جناح نعامة وهو يقول: النور الّذي وقع ليلة الثلاثاء مع صاحب الناقة العضباء في ديار اخوان بنى العنقاء، فأجابه هاتف من شماله وهو يقول:

بشر الجن وإبلاسها … ان وضعت المطي أحلاسها

وكلأت السماء أحراسها

قال فوثبت مذعورا وعلمت ان محمدا مرسل، فركبت فرسي واحتثثت السير حتى انتهيت اليه فبايعته ثم انصرفت الى ضماد فأحرقته بالنار ثم رجعت الى رسول الله فأنشدته شعرا أقول فيه:

لعمرك انى يوم أجعل جاهلا … ضمادا لرب العالمين مشاركا

وتركي رسول الله والأوس حوله … أولئك أنصار له ما أولئكا

كتارك سهل الأرض والحزن يبتغى … ليسلك في وعث الأمور المسالكا

فآمنت بالله الّذي أنا عبده … وخالفت من أمسى يريد المهالكا

ووجهت وجهي نحو مكة قاصدا … أبايع نبي الأكرمين المباركا

نبي أتانا بعد عيسى بناطق … من الحق فيه الفصل فيه كذلكا

أمين على القرآن أول شافع … وأول مبعوث يجيب الملائكا

تلافى عرى الإسلام بعد انتقاضها … فاحكمها حتى أقام المناسكا

عنيتك يا خير البرية كلها … توسطت في الفرعين والمجد مالكا

وأنت المصفى من قريش إذا سمت … على ضمرها تبقى القرون المباركا

<<  <  ج: ص:  >  >>