عندنا. فليس عندنا ما يصدقها ولا ما يكذبها، فيجوز روايتها للاعتبار. وهذا هو الّذي نستعمله في كتابنا هذا * فأما ما شهد له شرعنا بالصدق فلا حاجة بنا اليه استغناء بما عندنا. وما شهد له شرعنا منها بالبطلان فذاك مردود لا يجوز حكايته، الا على سبيل الإنكار والإبطال *
فإذا كان الله، سبحانه وله الحمد، قد أغنانا برسولنا محمد، ﷺ عن سائر الشرائع، وبكتابه عن سائر الكتب، فلسنا نترامى على ما بأيديهم مما وقع فيه خبط وخلط، وكذب ووضع، وتحريف وتبديل، وبعد ذلك كله نسخ وتغيير *
فالمحتاج اليه قد بينه لنا رسولنا، وشرحه وأوضحه. عرفه من عرفه، وجهله من جهله. كما قال على بن أبي طالب «كتاب الله فيه خبر ما قبلكم ونبأ ما بعدكم، وحكم ما بينكم وهو الفصل ليس بالهزل. من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله» وقال أبو ذر،﵁:«لقد توفى رسول الله ﷺ وما طائر يطير بجناحيه الا أذكرنا منه علما» وقال البخاري في كتاب بدء الخلق، وروى عن عيسى بن موسى غنجار عن رقية عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال «سمعت عمر بن الخطاب يقول قام فينا رسول الله ﷺ مقاما فأخبرنا عن بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم. وأهل النار منازلهم» حفظ ذلك من حفظه ونسيه من نسيه» قال أبو مسعود الدمشقيّ في اطرافه هكذا قال البخاري، وانما رواه عيسى غنجار عن أبى حمزة عن رقية، وقال الامام أحمد بن حنبل ﵀ في مسندة: حدثنا أبو عاصم (١) حدثنا عزرة بن ثابت، حدثنا علباء بن أحمر اليشكري:
حدثنا أبو زيد الأنصاري، قال قال: صلى بنا رسول الله ﷺ«صلاة الصبح، ثم صعد المنبر، فخطبنا حتى حضرت الظهر، ثم نزل فصلى الظهر. ثم صعد المنبر، فخطبنا حتى حضرت العصر، ثم نزل فصلى العصر ثم صعد المنبر فخطبنا حتى غابت الشمس فحدثنا بما كان، وما هو كائن فأعلمنا أحفظنا» انفرد بإخراجه مسلم فرواه في كتاب الفتن من صحيحه عن يعقوب بن إبراهيم الدورقي وحجاج بن الشاعر، جميعا عن أبى عاصم الضحاك بن مخلد النبيل عن عزرة عن علباء عن أبى زيد عمرو بن أخطب بن رفاعة الأنصاري ﵁ عن النبي ﷺ بنحوه
(١) قوله أبو عاصم كذا في نسخة وفي أخرى أبو عامر. وكلاهما راويان له فلذلك لم نرجح إحداهما على الأخرى محمود الامام