جَهَلَةِ الْمُفَسِّرِينَ قَالُوا (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ) ٢: ٣٠ قِيلَ عَلِمُوا أَنَّ ذَلِكَ كَائِنٌ بِمَا رَأَوْا ممن كان قبل آدم من الجن وَالْبِنِّ قَالَهُ قَتَادَةُ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عمر كانت الجن قَبْلَ آدَمَ بِأَلْفَيْ عَامٍ فَسَفَكُوا الدِّمَاءَ فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ جُنْدًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَطَرَدُوهُمْ إِلَى جَزَائِرِ الْبُحُورِ وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوَهُ. وَعَنِ الْحَسَنِ أُلْهِمُوا ذَلِكَ وَقِيلَ لِمَا اطَّلَعُوا عَلَيْهِ مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ فَقِيلَ أَطْلَعَهُمْ عَلَيْهِ هَارُوتُ وماروت عن ملك فوقهما يقال له الشجل.
رواه بن أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ وَقِيلَ لِأَنَّهُمْ عَلِمُوا أَنَّ الْأَرْضَ لَا يَخْلُقُ مِنْهَا إِلَّا مَنْ يَكُونُ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ غَالِبًا (وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ) ٢: ٣٠ أَيْ نَعْبُدُكَ دَائِمًا لَا يَعْصِيكَ مِنَّا أَحَدٌ فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِخَلْقِ هَؤُلَاءِ أَنْ يَعْبُدُوكَ فَهَا نَحْنُ لَا نَفْتُرُ لَيْلًا وَلَا نَهَارًا (قال إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ) ٢: ٣٠ أَيْ أَعْلَمُ مِنَ الْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ فِي خَلْقِ هؤلاء ما لا تعلمون أَيْ سَيُوجَدُ مِنْهُمُ الْأَنْبِيَاءُ وَالْمُرْسَلُونَ وَالصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ ثُمَّ بَيَّنَ لَهُمْ شَرَفَ آدَمَ عَلَيْهِمْ فِي العلم فقال (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها) ٢: ٣١ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هِيَ هَذِهِ الْأَسْمَاءُ الَّتِي يَتَعَارَفُ بِهَا النَّاسُ إِنْسَانٌ وَدَابَّةٌ وَأَرْضٌ وَسَهْلٌ وَبَحْرٌ وَجَبَلٌ وَجَمَلٌ وَحِمَارٌ وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ مِنَ الْأُمَمِ وَغَيْرِهَا وَفِي رِوَايَةٍ عَلَّمَهُ اسْمَ الصَّحْفَةِ وَالْقِدْرِ حَتَّى الْفَسْوَةِ وَالْفُسَيَّةِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ عَلَّمَهُ اسْمَ كُلِّ دَابَّةٍ وَكُلِّ طَيْرٍ وَكُلِّ شَيْءٍ وَكَذَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَقَتَادَةُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ وَقَالَ الرَّبِيعُ عَلَّمَهُ أَسْمَاءَ الْمَلَائِكَةِ «وَقَالَ عبد الرحمن ابن زَيْدٍ عَلَّمَهُ أَسْمَاءَ ذُرِّيَّتِهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ عَلَّمَهُ أَسْمَاءَ الذَّوَاتِ وَأَفْعَالَهَا مُكَبَّرَهَا وَمُصَغَّرَهَا كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ هُنَا مَا رَوَاهُ هُوَ وَمُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ وَهِشَامٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (يَجْتَمِعُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُونَ لَوِ اسْتَشْفَعْنَا إِلَى رَبِّنَا فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ أَنْتَ أَبُو الْبَشَرِ خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ وَأَسْجَدَ لَكَ مَلَائِكَتَهُ وَعَلَّمَكَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ) وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ (ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) ٢: ٣١ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ (لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ خَلْقَ آدَمَ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ لَا يَخْلُقُ رَبُّنَا خَلْقًا إِلَّا كُنَّا أَعْلَمَ مِنْهُ فَابْتُلُوا بِهَذَا) وَذَلِكَ قوله (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) ٢: ٢٣ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ كَمَا بَسَطْنَاهُ فِي التَّفْسِيرِ قَالُوا (سُبْحانَكَ لَا عِلْمَ لَنا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) ٢: ٣٢ أَيْ سُبْحَانَكَ أَنْ يُحِيطَ أَحَدٌ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِكَ مِنْ غَيْرِ تَعْلِيمِكَ كَمَا قَالَ (وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِما شاءَ ٢: ٢٥٥) (قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) ٢: ٣٣ أَيْ أَعْلَمُ السِّرَّ كَمَا أَعْلَمُ الْعَلَانِيَةَ وَقِيلَ إن المراد بقوله وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ ٢: ٣٣ مَا قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها ٢: ٣٠ وبقوله وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ ٢: ٣٣ المراد بهذا الكلام إبليس حين أسر الكبر والتخيرة على آدم عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٌ وَالسُّدِّيُّ وَالضَّحَّاكُ وَالثَّوْرِيُّ وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ وَالرَّبِيعُ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ (وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) ٢: ٣٣ قَوْلُهُمْ لَنْ يَخْلُقَ رَبُّنَا خَلْقًا إِلَّا كُنَّا أَعْلَمَ مِنْهُ وَأَكْرَمَ عَلَيْهِ مِنْهُ قَوْلُهُ وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute