للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رواه البيهقي من طريق يونس بن بكير عن ابن إسحاق عن شيخ أبهم اسمه عن عبد الله بن الحارث به. وقد رواه أبو جعفر بن جرير عن محمد بن حميد الرازيّ عن سلمة بن الفضل الأبرش عن محمد بن إسحاق عن عبد الغفار أبو مريم بن القاسم عن المنهال بن عمرو عن عبد الله بن الحارث عن ابن عباس عن على فذكر مثله. وزاد بعد قوله: «وإني قد جثتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرنى الله أن أدعوكم اليه، فأيكم يؤازرنى على هذا الأمر على أن يكون أخى» وكذا وكذا. قال فأحجم القوم عنها جميعا، وقلت ولأني لأحدثهم سنا وأرمصهم عينا، وأعظمهم بطنا، وأخمشهم ساقا، أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه فاخذ برقبتي فقال: «إن هذا أخى وكذا وكذا فاسمعوا له وأطيعوا».

قال فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع! تفرد به عبد الغفار ابن القاسم أبو مريم وهو كذاب شيعي اتهمه على بن المديني وغيره بوضع الحديث. وضعفه الباقون.

ولكن

روى ابن أبى حاتم في تفسيره عن أبيه عن الحسين بن عيسى بن ميسرة الحارثي عن عبد الله ابن عبد القدوس عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن عبد الله بن الحارث. قال قال على: لما نزلت هذه الآية ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾. قال لي رسول الله : اصنع لي رجل شاة بصاع من طعام، وإناء لبنا، وأدع لي بنى هاشم فدعوتهم وإنهم يومئذ لاربعون غير رجل، أو أربعون ورجل فذكر القصة نحو ما تقدم إلى أن قال: وبدرهم رسول الله الكلام. فقال: «أيكم يقضى عنى ديني ويكون خليفتي في أهلي؟» قال فسكتوا وسكت العباس خشية أن يحيط ذلك بماله، قال وسكت أنا لسن العباس. ثم قالها مرة أخرى فسكت العباس، فلما رأيت ذلك قلت: أنا يا رسول الله، قال أنت؟ قال وإني يومئذ لاسوأهم هيئة، وإني لاعمش العينين، ضخم البطن، خمش الساقين. وهذه الطريق فيها شاهد لما تقدم إلا أنه لم يذكر ابن عباس فيها فالله أعلم. وقد روى الامام احمد في مسندة من حديث عباد بن عبد الله الأسدي وربيعة بن ناجذ عن على نحو ما تقدم - أو كالشاهد له - والله أعلم. ومعنى قوله في هذا

الحديث: من يقضى عنى ديني ويكون خليفتي في أهلي يعنى إذا مت، وكأنه خشي إذا قام بإبلاغ الرسالة إلى مشركي العرب (١) أن يقتلوه، فاستوثق من يقوم بعده بما يصلح أهله، ويقضى عنه، وقد أمنه الله من ذلك في قوله تعالى ﴿يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ، وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ﴾ الآية والمقصود أن رسول الله استمر يدعو إلى الله تعالى ليلا ونهارا، وسرا وجهارا، لا يصرفه عن ذلك صارف ولا يرده عن ذلك راد، ولا يصده عنه ذلك صاد، يتبع الناس في أنديتهم، ومجامعهم ومحافلهم وفي المواسم، ومواقف الحج. يدعو من لقيه من حر وعبد وضعيف وقوى، وغنى وفقير،


(١) في المصرية: بإبلاغ مشركي العرب رسالة الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>