للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أكثر قريش مالا، ولكنى أتيته وقص عليهم القصة فأجابني بشيء والله ما هو بسحر ولا بشعر ولا كهانة، قرأ ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * حم * تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾ حتى بلغ ﴿فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ﴾ فأمسكت بفيه وناشدته الرحم أن يكف، وقد علمتم أن محمدا إذا قال شيئا لم يكذب، فخفت أن ينزل عليكم العذاب. ثم قال البيهقي عن الحاكم عن الأصم عن احمد بن عبد الجبار عن يونس عن محمد بن إسحاق حدثني يزيد بن أبى زياد مولى بنى هاشم عن محمد بن كعب قال حدثت أن عتبة بن ربيعة، وكان سيدا حليما. قال - ذات يوم وهو جالس في نادى قريش، ورسول الله جالس وحده في المسجد -: يا معشر قريش الا أقوم الى هذا فاعرض عليه أمورا لعله يقبل بعضها ويكف عنا. قالوا: بلى يا أبا الوليد! فقام عتبة حتى جلس الى رسول الله فذكر الحديث فيما قال له عتبة وفيما عرض على رسول الله من المال والملك وغير ذلك.

وقال زياد بن إسحاق فقال: عتبة يا معشر قريش ألا أقوم الى محمد فأكلمه واعرض عليه أمورا لعله يقبل بعضها فنعطيه إياها ويكف عنا وذلك حين أسلم حمزة ورأوا أصحاب رسول الله يزيدون ويكثرون. فقالوا: بلى يا أبا الوليد! فقم اليه وكلمه، فقام عتبة حتى جلس الى رسول الله فقال: يا ابن أخى إنك منا حيث قد علمت من الشطر في العشيرة والمكان في النسب، وأنك قد أتيت قومك بأمر عظيم فرقت جماعتهم، وسفهت به أحلامهم، وعبت به آلهتهم ودينهم وكفرت به من مضى من آبائهم. فاسمع منى حتى أعرض عليك أمورا تنظر فيها لعلك تقبل منها بعضها. قال فقال له رسول الله «يا أبا الوليد اسمع». قال: يا ابن أخى إن كنت انما تريد بما جئت به من هذا الأمر مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا، وإن كنت تريد به شرفا سودناك علينا حتى لا نقطع أمرا دونك، وان كنت تريد به ملكا ملكناك علينا، وان كان هذا الّذي يأتيك رئيا تراه لا تستطيع رده عن نفسك طلبنا لك الطب وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يتداوى منه - أو كما قال له - حتى إذا فرغ عتبة. قال له النبي : «أفرغت يا أبا الوليد؟» قال نعم! قال اسمع منى، قال افعل! فقال رسول الله : ﴿حم * تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ فمضى رسول الله يقرأها فلما سمع بها عتبة أنصت لها وألقى بيديه خلفه أو خلف ظهره معتمدا عليها ليسمع منه حتى انتهى رسول الله الى السجدة فسجدها ثم قال: «سمعت يا أبا الوليد؟» قال سمعت. قال: «فأنت وذاك» ثم قام عتبة الى أصحابه فقال بعضهم لبعض: نحلف بالله لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الّذي ذهب به، فلما جلسوا اليه قالوا ما وراءك يا أبا الوليد؟ قال ورائي أنى والله قد سمعت قولا ما سمعت مثله قط، والله ما هو بالشعر ولا الكهانة، يا معشر قريش

<<  <  ج: ص:  >  >>