للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال ما جاء بك يا ابن الخطاب؟ فو الله ما أرى أن تنتهي حتى ينزل الله بك قارعة، فقال عمر يا رسول الله جئتك لأومن بالله ورسوله وبما جاء من عند الله، قال فكبر رسول الله تكبيرة فعرف أهل البيت أن عمر قد أسلم، فتفرق أصحاب رسول الله من مكانهم وقد عزوا في أنفسهم حين أسلم عمر مع إسلام حمزة وعلموا أنهما سيمنعان رسول الله ، وينتصفون بهما من عدوهم قال ابن إسحاق فهذا حديث الرواة من أهل المدينة عن إسلام عمر حين أسلم .

قال ابن إسحاق: وحدثنى عبد الله بن أبى نجيح المكيّ عن أصحابه عطاء ومجاهد وعمن روى ذلك: أن إسلام عمر فيما تحدثوا به عنه أنه كان يقول كنت للإسلام مباعدا وكنت صاحب خمر في الجاهلية أحبها وأشربها، وكان لنا مجلس يجتمع فيه رجال من قريش بالحزورة فخرجت ليلة أريد جلسائي أولئك فلم أجد فيه منهم أحدا فقلت لو أنى جئت فلانا الخمار لعلى أجد عنده خمرا فاشرب منها، فخرجت فجئته فلم أجده قال فقلت لو انى جئت الكعبة فطفت سبعا أو سبعين، قال فجئت المسجد فإذا رسول الله قائم يصلى، وكان إذا صلّى استقبل الشام وجعل الكعبة بينه وبين الشام وكان مصلاه بين الركنين الأسود واليماني، قال فقلت حين رأيته والله لو انى استمعت لمحمد الليلة حتى اسمع ما يقول فقلت لئن دنوت منه لاستمع منه لاروعنه. فجئت من قبل الحجر فدخلت تحت ثيابها فجعلت أمشى رويدا ورسول الله قائم يصلى يقرأ القرآن، حتى قمت في قبلته مستقبله ما بيني وبينه إلا ثياب الكعبة. قال: فلما سمعت القرآن رق له قلبي وبكيت ودخلني الإسلام، فلم أزل في مكاني قائما حتى قضى رسول الله صلاته ثم انصرف وكان إذا انصرف خرج على دار ابن أبى حسين - وكان مسكنه في الدار الرقطاء التي كانت بيده معاوية -. قال عمر:

فتبعته حتى إذا دخل بين دار عباس ودار ابن أزهر أدركته، فلما سمع حسي عرفني فظن أنى انما اتبعته لاوذيه، فنهمنى (١) ثم قال ما جاء بك يا ابن الخطاب هذه الساعة؟ قال قلت جئت لأومن بالله وبرسوله وبما جاء من عند الله. قال فحمد الله رسول الله ثم قال: «قد هداك الله يا عمر» ثم مسح صدري ودعا لي بالثبات ثم انصرفت ودخل رسول الله بيته. قال ابن إسحاق فالله أعلم أي ذلك كان.

قلت: وقد استقصيت كيفية إسلام عمر وما ورد في ذلك من الأحاديث والآثار مطولا في أول سيرته التي أفردتها على حدة ولله الحمد والمنة.

قال ابن إسحاق وحدثني نافع مولى ابن عمر عن ابن عمر. قال: لما أسلم عمر قال: أي قريش انقل للحديث؟ فقيل له جميل بن معمر الجمحيّ فغدا عليه، قال عبد الله وغدوت أتبع أثره وانظر ما يفعل - وأنا غلام أعقل كلما رأيت - حتى جاءه فقال له: أعلمت يا جميل انى أسلمت ودخلت في دين


(١) النهم: الزجر والنهيم زجر الأسد. حكاه السهيليّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>