﴿اِتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً، * يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً﴾ والتي بعدها. قال ومشى أبى بن خلف بعظم بال قد أرم. فقال: يا محمد أنت تزعم أن الله يبعث هذا بعد ما أرم، ثم فته بيده ثم نفخه في الريح نحو رسول الله ﷺ. فقال: نعم! أنا أقول ذلك يبعثه الله وإياك بعد ما تكونان هكذا ثم يدخلك النار. وأنزل الله تعالى ﴿وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ﴾ إلى آخر السورة. قال واعترض رسول الله ﷺ فيما بلغني وهو يطوف عند باب الكعبة - الأسود بن المطلب، والوليد بن المغيرة، وأمية بن خلف، والعاص بن وائل. فقالوا: يا محمد هلم فلنعبد ما تعبد وتعبد ما نعبد فنشترك نحن وأنت في الأمر. فانزل الله فيهم ﴿قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ * لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ﴾ إلى آخرها. ولما سمع أبو جهل بشجرة الزقوم. قال: أتدرون ما الزقوم؟ هو تمر يضرب بالزبد ثم قال هلموا فلنتزقم فانزل الله تعالى ﴿إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ * طَعامُ الْأَثِيمِ﴾ قال: ووقف الوليد بن المغيرة فكلم رسول الله ﷺ ورسول الله ﷺ يكلمه وقد طمع في إسلامه فمر به ابن أم مكتوم - عاتكة بنت عبد الله بن عنكثة - الأعمى فكلم رسول الله ﷺ وجعل يستقريه القرآن، فشق ذلك عليه حتى أضجره وذلك أنه شغله عما كان فيه من أمر الوليد وما طمع فيه من إسلامه، فلما أكثر عليه انصرف عنه عابسا، وتركه فانزل الله تعالى ﴿عَبَسَ وَتَوَلّى * أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى﴾ إلى قوله ﴿مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ﴾ وقد قيل إن الّذي كان يحدث رسول الله ﷺ حين جاءه ابن أم مكتوم أمية بن خلف فالله أعلم.
ثم ذكر ابن إسحاق من عاد من مهاجرة الحبشة إلى مكة وذلك حين بلغهم إسلام أهل مكة وكان النقل ليس بصحيح، ولكن كان له سبب، وهو ما ثبت في الصحيح وغيره أن رسول الله ﷺ جلس يوما مع المشركين، وأنزل الله عليه ﴿وَالنَّجْمِ إِذا هَوى * ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ﴾ يقرؤها عليهم حتى ختمها وسجد، فسجد من هناك من المسلمين والمشركين والجن والانس، وكان لذلك سبب ذكره كثير من المفسرين عند قوله تعالى ﴿وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلاّ إِذا تَمَنّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آياتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ وذكروا قصة الغرانيق وقد أحببنا الإضراب عن ذكرها صفحا لئلا يسمعها من لا يضعها على مواضيعها، إلا أن أصل القصة في الصحيح. قال البخاري حدثنا أبو معمر حدثنا عبد الوارث حدثنا أيوب عن عكرمة عن ابن عباس. قال: سجد النبي ﷺ بالنجم، وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والانس انفرد به البخاري دون مسلم.
وقال البخاري حدثنا محمد بن بشار حدثنا غندر حدثنا شعبة عن أبى إسحاق سمعت الأسود عن عبد الله. قال: قرأ النبي ﷺ والنجم بمكة، فسجد فيها وسجد من معه غير شيخ أخذ كفا من حصا - أو تراب - فرفعه إلى جبهته وقال: يكفيني هذا، فرأيته بعد قتل كافرا