وذلك بسبب قول أبى بن خلف وزمعة بن الأسود والعاص بن وائل والنضر ابن الحارث، لولا أنزل عليك ملك يكلم الناس عنك.
قال ابن إسحاق: ومر رسول الله ﷺ فيما بلغنا بالوليد بن المغيرة وأمية بن خلف وأبى جهل ابن هشام فهمزوه واستهزءوا به، فغاظه ذلك فأنزل الله تعالى في ذلك من أمرهم ﴿وَلَقَدِ اُسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ﴾.
قلت: وقال الله تعالى ﴿وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتّى أَتاهُمْ نَصْرُنا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللهِ وَلَقَدْ جاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ﴾ وقال تعالى ﴿إِنّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ﴾. قال سفيان عن جعفر بن اياس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. قال: المستهزءون الوليد بن المغيرة، والأسود بن عبد يغوث الزهري، والأسود بن المطلب أبو زمعة، والحارث بن عيطل (١)، والعاص بن وائل السهمي. فأتاه جبريل فشكاهم اليه رسول الله ﷺ فأراه الوليد فاشار جبريل الى أنملة وقال كفيته، ثم أراه الأسود بن المطلب فأومأ الى عنقه وقال كفيته، ثم أراه الأسود بن عبد يغوث فأومأ الى رأسه وقال كفيته، ثم أراه الحارث بن عيطل فأومأ الى بطنه وقال كفيته، ومر به العاص بن وائل فأومأ الى أخمصه وقال كفيته. فاما الوليد فمر برجل من خزاعة وهو يريش نبلا له فأصاب أنمله فقطعها، وأما الأسود بن عبد يغوث فخرج في رأسه قروح فمات منها، وأما الأسود ابن المطلب فعمى. وكان سبب ذلك أنه نزل تحت سمرة فجعل يقول: يا بنى ألا تدفعون عنى قد قتلت فجعلوا يقولون ما نرى شيئا. وجعل يقول يا بنى ألا تمنعون عنى قد هلكت، ها هو ذا الطعن بالشوك في عيني. فجعلوا يقولون ما نرى شيئا. فلم يزل كذلك حتى عميت عيناه. وأما الحارث بن عيطل فأخذه الماء الأصفر في بطنه حتى خرج خرؤه من فيه فمات منها. وأما العاص بن وائل فبينما هو كذلك يوما إذ دخل في رأسه شبرقة حتى امتلأت منها فمات منها. وقال غيره في هذا الحديث:
فركب الى الطائف على حمار فربض به على شبرقة - يعنى شوكة - فدخلت في أخمص قدمه شوكة فقتلته. رواه البيهقي بنحو من هذا السياق.
وقال ابن إسحاق: وكان عظماء المستهزءين كما حدثني يزيد بن رومان عن عروة بن الزبير خمسة نفر، وكانوا ذوى أسنان وشرف في قومهم، الأسود بن المطلب أبو زمعة دعا عليه رسول الله ﷺ فقال:«اللهمّ أعم بصره وأثكله ولده». والأسود بن عبد يغوث، والوليد بن المغيرة، والعاص بن وائل، والحارث بن الطلاطة. وذكر أن الله تعالى أنزل فيهم (فاصدع بما تؤمر وأعرض
(١) كذا في الأصلين. وسيأتي انه ابن الطلاطلة وابن الطلاطل وهكذا في ابن هشام والسهيلي وقد اختلف أصحاب السير في ذلك ومنهم من حكى القولين معا.