وثلاثين» قالوا ومن أنت؟ قال أنا رسول الله. ثم انطلق فلما ولى عنهم قال الكلبي: وكان عمه أبو لهب يتبعه فيقول للناس لا تقبلوا قوله، ثم مر أبو لهب فقالوا هل تعرف هذا الرجل؟ قال نعم هذا في الذروة منا فعن أي شأنه تسألون؟ فأخبروه بما دعاهم اليه وقالوا زعم أنه رسول الله، قال: ألا لا ترفعوا برأسه قولا فإنه مجنون يهذى من أم رأسه. قالوا قد رأينا ذلك حين ذكر من أمر فارس ما ذكر.
قال الكلبي: فأخبرني عبد الرحمن المعايرى عن أشياخ من قومه قالوا: أتانا رسول الله ﷺ ونحن بسوق عكاظ، فقال ممن القوم؟ قلنا من بنى عامر بن صعصعة. قال من أي بنى عامر بن صعصعة؟ قالوا بنو كعب بن ربيعة. قال كيف المنعة؟ قلنا لا يرام ما قبلنا، ولا يصطلى بنارنا. قال فقال لهم «إني رسول الله وآتيكم لتمنعوني حتى أبلغ رسالة ربى ولا اكره أحدا منكم على شيء» قالوا ومن أي قريش أنت؟ قال من بنى عبد المطلب. قالوا فأين أنت من عبد مناف؟ قال هم أول من كذبني وطردني. قالوا ولكنا لا نطردك ولا نؤمن بك، وسنمنعك حتى تبلغ رسالة ربك قال فنزل اليهم والقوم يتسوقون، إذ أتاهم بحيرة بن فراس القشيري فقال من هذا الرجل أراه عندكم أنكره؟ قالوا محمد بن عبد الله القرشي. قال فما لكم وله؟ قالوا زعم لنا أنه رسول الله ﷺ فطلب إلينا أن نمنعه حتى يبلغ رسالة ربه. قال ماذا رددتم عليه؟ قالوا بالترحيب والسعة، نخرجك الى بلادنا ونمنعك ما نمنع به أنفسنا. قال بحيرة: ما أعلم أحدا من أهل هذه السوق يرجع بشيء أشد من شيء ترجعون به بدءا ثم لتنابذوا الناس وترميكم العرب عن قوس واحدة، قومه أعلم به لو آنسوا منه خيرا لكانوا أسعد الناس به، أتعمدون الى زهيق قد طرده قومه وكذبوه فتؤوونه وتنصرونه؟ فبئس الرأى رأيتم. ثم أقبل على رسول الله ﷺ فقال: قم فالحق بقومك، فو الله لولا أنك عند قومي لضربت عنقك. قال فقام رسول الله ﷺ الى ناقته فركبها، فغمز الخبيث بحيرة شاكلتها فقمصت برسول الله ﷺ فألقته. وعند بنى عامر يومئذ ضباعة ابنة عامر بن قرط، كانت من النسوة اللاتي أسلمن مع رسول الله بمكة جاءت زائرة الى بنى عمها، فقالت يا آل عامر - ولا عامر لي - أيصنع هذا برسول الله بين أظهركم لا يمنعه أحد منكم؟ فقام ثلاثة من بنى عمها الى بحيرة واثنين اعاناه، فاخذ كل رجل منهم رجلا فجلد به الأرض، ثم جلس على صدره ثم علوا وجوههم لطما، فقال رسول الله ﷺ«اللهمّ بارك على هؤلاء والعن هؤلاء» قال فأسلم الثلاثة الذين نصروه وقتلوا شهداء وهم، غطيف وغطفان ابنا سهل، وعروة - أو عذرة - بن عبد الله بن سلمة ﵃. وقد روى هذا الحديث بتمامه الحافظ سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي في مغازيه عن أبيه به. وهلك الآخرون وهم، بحيرة بن فراس، وحزن بن عبد الله بن سلمة بن قشير، ومعاوية بن عبادة أحد بنى عقيل