للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيتم فلكم الجنة، وإن غشيتم من ذلك شيئا فأخذتم بحده في الدنيا فهو كفارة له، وإن سترتم عليه إلى يوم القيامة فأمركم إلى الله إن شاء عذب وإن شاء غفر. وهذا الحديث مخرج في الصحيحين وغيرهما من طرق عن الزهري به نحوه. وقوله على بيعة النساء - يعنى وفق على ما نزلت عليه بيعة النساء بعد ذلك عام الحديبيّة - وكان هذا مما نزل على وفق ما بايع عليه أصحابه ليلة العقبة. وليس هذا عجيب فان القرآن نزل بموافقة عمر بن الخطاب في غير ما موطن كما بيناه في سيرته وفي التفسير، وإن كانت هذه البيعة وقعت عن وحي غير متلو فهو أظهر والله أعلم.

قال ابن إسحاق: فلما انصرف عنه القوم بعث رسول الله معهم مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي، وأمره أن يقرئهم القرآن، ويعلمهم الإسلام ويفقههم في الدين. وقد روى البيهقي عن ابن إسحاق قال فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة أن رسول الله إنما بعث مصعبا حين كتبوا اليه أن يبعثه اليهم، وهو الّذي ذكره موسى بن عقبة كما تقدم، إلا أنه جعل المرة الثانية هي الاولى.

قال البيهقي: وسياق ابن إسحاق أتم وقال ابن إسحاق: فكان عبد الله بن أبى بكر يقول:

لا أدرى ما العقبة الاولى. ثم يقول ابن إسحاق: بلى لعمري قد كانت عقبة وعقبة. قالوا كلهم:

فنزل مصعب على أسعد بن زرارة فكان يسمى بالمدينة المقرئ، قال ابن إسحاق: فحدثني عاصم ابن عمر بن قتادة أنه كان يصلى بهم، وذلك أن الأوس والخزرج كره بعضهم أن يؤمه بعض أجمعين.

قال ابن إسحاق: وحدثني محمد بن أبى أمامة بن سهل بن حنيف عن أبيه عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك قال: كنت قائد أبى حين ذهب بصره فكنت إذا خرجت به إلى الجمعة فسمع الأذان بها صلّى على أبى أمامة أسعد بن زرارة. قال فمكث حينا على ذلك لا يسمع لأذان الجمعة إلا صلّى عليه واستغفر له. قال فقلت في نفسي والله إن هذا بى لعجز، ألا أسأله؟ فقلت يا أبت مالك إذا سمعت الأذان للجمعة صليت على أبى أمامة؟ فقال أي بنى كان أول من جمع بنا بالمدينة في هزم النبيت من حرة بنى بياضة في بقيع يقال له بقيع الخضمات (١) قال قلت وكم أنتم يومئذ؟ قال أربعون رجلا. وقد روى هذا الحديث أبو داود وابن ماجة من طريق محمد بن إسحاق . وقد روى الدارقطنيّ عن ابن عباس أن رسول الله كتب إلى مصعب بن عمير يأمره بإقامة الجمعة، وفي اسناده غرابة والله أعلم.


(١) كذا بالأصل، وفي ابن هشام: نقيع بالنون. وأورده السهيليّ بالباء والنون وذكر فيه روايات مختلفة وشرح هزم النبيت وقال: هو جبل على بريد من المدينة.

<<  <  ج: ص:  >  >>