تمتّ بأرحام اليهم قريبة … ولا قرب بالأرحام إذ لا تقرب
فأى ابن أخت بعدنا يأمننكم … وأية صهر بعد صهري يرقب
ستعلم يوما أينا إذ تزايلوا … وزيل أمر الناس للحق أصوب
قال ابن إسحاق: ثم خرج عمر بن الخطاب، وعياش بن أبى ربيعة حتى قدما المدينة. فحدثني نافع عن عبد الله بن عمر عن أبيه. قال: اتعدنا لما أردت الهجرة إلى المدينة أنا وعياش بن أبى ربيعة وهشام بن العاص، التناضب من إضاة بنى غفار فوق سرف، وقلنا أينا لم يصبح عندها فقد حبس فليمض صاحباه، قال فأصبحت أنا وعياش عند التناضب وحبس هشام وفتن فافتتن، فلما قدمنا المدينة نزلنا في بنى عمرو بن عوف بقباء، وخرج أبو جهل بن هشام والحارث بن هشام الى عياش - وكان ابن عمهما وأخاهما لامهما - حتى قدما المدينة ورسول الله ﷺ بمكة، فكلماه وقالا له إن أمك قد نذرت أن لا يمس رأسها مشط حتى تراك، ولا تستظل من شمس حتى تراك، فرق لها فقلت له إنه والله إن يريدك القوم الا ليفتنوك عن دينك فاحذرهم، فو الله لو قد آذى أمك القمل لامتشطت، ولو قد اشتد عليها حرمكة لاستظلت. قال فقال: أبر قسم أمى ولى هنالك مال فآخذه قال قلت والله إنك لتعلم أنى لمن أكثر قريش مالا، فلك نصف مالي ولا تذهب معهما. قال فأبى على الا أن يخرج معهما، فلما أبى إلا ذلك قلت أما إذ فعلت ما فعلت فخذ ناقتي هذه فإنها ناقة نجيبة ذلول فالزم ظهرها، فان رابك من أمر القوم ريب فانج عليها. فخرج عليها معهما حتى إذا كانوا ببعض الطريق قال له أبو جهل: يا أخى والله لقد استغلظت بعيري هذا أفلا تعقبنى على ناقتك هذه قال بلى. فأناخ وأناخا ليتحول عليها، فلما استووا بالأرض عدوا عليه فأوثقاه رباطا، ثم دخلا به مكة وفتناه فافتتن. قال عمر: فكنا نقول لا يقبل الله ممن افتتن توبة. وكانوا يقولون ذلك لأنفسهم حتى قدم رسول الله ﷺ المدينة وأنزل الله ﴿قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، * وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ، * وَاِتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ﴾ قال عمر: وكتبتها وبعثت بها إلى هشام بن العاص. قال هشام: فلما أتتنى جعلت اقرأها بذي طوى أصعد بها وأصوب ولا أفهمها حتى قلت: اللهمّ فهمنيها، فألقى الله في قلبي أنها إنما أنزلت فينا وفيما كنا نقول في أنفسنا، ويقال فينا، قال فرجعت إلى بعيري فجلست عليه فلحقت برسول الله ﷺ بالمدينة. وذكر ابن هشام أن الّذي قدم بهشام بن العاص، وعياش ابن أبى ربيعة إلى المدينة، الوليد بن المغيرة سرقهما من مكة وقدم بها يحملهما على بعيره وهو ماش معهما، فعثر فدميت إصبعه فقال: