للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهكذا حكى السهيليّ عن ابن إسحاق أنها الجدعاء والله أعلم.

قال ابن إسحاق: فركبا وانطلقا وأردف أبو بكر عامر بن فهيرة مولاه خلفه ليخدمهما في الطريق فحدثت عن أسماء أنها قالت: لما خرج رسول الله وأبو بكر أتانا نفر من قريش منهم أبو جهل فذكر ضربه لها على خدها لطمة طرح منها قرطها من أذنها كما تقدم. قالت: فمكثنا ثلاث ليال ما ندري أين وجه رسول الله حتى أقبل رجل من الجن من أسفل مكة يتغنى بأبيات من شعر غناء العرب، وأن الناس ليتبعونه يسمعون صوته وما يرونه حتى خرج من أعلا مكة وهو يقول:

جزى الله رب الناس خير جزائه … رفيقين حلا خيمتي أم معبد

هما نزلا بالبر ثم تروحا … فأفلح من أمسى رفيق محمد

ليهن بنى كعب مكان فتاتهم … ومقعدها للمؤمنين بمرصد

قالت أسماء: فلما سمعنا قوله عرفنا حيث وجه رسول الله ، وأن وجهه إلى المدينة.

قال ابن إسحاق: وكانوا أربعة، رسول الله ، وأبو بكر، وعامر بن فهيرة مولى أبى بكر، وعبد الله بن أرقد (١) كذا يقول ابن إسحاق، والمشهور عبد الله بن أريقط الدئلي. وكان إذ ذاك مشركا.

قال ابن إسحاق: ولما خرج بهما دليلهما عبد الله بن أرقد سلك بهما أسفل مكة، ثم مضى بهما على الساحل حتى عارض الطريق أسفل من عسفان، ثم سلك بهما على أسفل أمج، ثم استجاز بهما حتى عارض الطريق بعد أن أجاز قديدا، ثم أجاز بهما من مكانه ذلك فسلك بهما الخرار (٢) ثم أجاز بهما ثنية المرة، ثم سلك بهما لقفا، ثم أجاز بهما مدلجة لقف، ثم استبطن بهما مدلجة مجاج ثم سلك بهما مرجح مجاج، ثم تبطن بهما مرجح من ذي العضوين، ثم بطن ذي كشد، ثم أخذ بهما على الجداجد، ثم على الأجرد، ثم سلك بهما ذا سلّم من بطن أعداء مدلجة تعهن، ثم على العبابيد، ثم أجاز بهما القاحة (٣) ثم هبط بهما العرج وقد أبطأ عليهم بعض ظهرهم، فحمل رسول الله رجل من أسلم يقال له أوس بن حجر على جمل يقال له ابن الرداء إلى المدينة وبعث معه غلاما يقال له مسعود بن هنيدة، ثم خرج بهما [دليلهما من العرج فسلك بها ثنية العائر عن يمين ركوبة


(١) كذا في الأصلين، وفي ابن هشام عن ابن إسحاق في جميع المواضع: عبد الله بن أرقط، واستدرك على ابن إسحاق بقوله: ويقال عبد الله بن أريقط.
(٢) في الأصلين الحرار. وهي جمع الحرة، والّذي في ابن هشام: الخرار بالخاء المعجمة وتشديد الراء موضع بالحجاز وقيل واد أو ماء بالمدينة كما في المعجم لياقوت.
(٣) في أصل ابن إسحاق: الفاجة بفاء وجيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>