المغازي بعد ذكره ما تقدم مما سقناه عنه من تعيين رءوس الكفر من اليهود والمنافقين لعنهم الله أجمعين وجمعهم في أسفل سافلين. ثم إن رسول الله ﷺ تهيأ لحربه وقام فيما أمره الله به من جهاد عدوه وقتال من أمره به ممن يليه من المشركين، قال وقد قدم رسول الله ﷺ المدينة يوم الاثنين حين اشتد الضحاء وكادت الشمس تعتدل لثنتى عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأول، ورسول الله ﷺ يومئذ ابن ثلاث وخمسين سنة، وذلك بعد أن بعثه الله بثلاث عشرة سنة فأقام بقية شهر ربيع الأول وشهر ربيع الآخر وجمادين ورجبا وشعبان وشهر رمضان وشوالا وذا القعدة وذا الحجة وولى تلك الحجة المشركون، والمحرم، ثم خرج رسول الله ﷺ غازيا في صفر على رأس اثنى عشر شهرا من مقدمه المدينة. قال ابن هشام: واستعمل على المدينة سعد بن عبادة. قال ابن إسحاق:
حتى بلغ ودان وهي غزوة الأبواء، قال ابن جرير: ويقال لها غزوة ودان أيضا، يريد قريشا وبنى ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، فوادعته فيها بنو ضمرة وكان الّذي وادعه منهم مخشى بن عمرو الضمريّ، وكان سيدهم في زمانه ذلك. ورجع رسول الله ﷺ إلى المدينة ولم يلق كيدا فأقام بها بقية صفر وصدرا من شهر ربيع الأول. قال ابن هشام: وهي أول غزوة غزاها ﵇. قال الواقدي وكان لواؤه مع عمه حمزة، وكان أبيض. قال ابن إسحاق: وبعث رسول الله ﷺ في مقامه ذلك بالمدينة عبيدة بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف بن قصي في ستين - أو ثمانين - راكبا من المهاجرين ليس فيهم من الأنصار أحد، فسار حتى بلغ ماء بالحجاز بأسفل ثنية المرة فلقى بها جمعا عظيما من قريش، فلم يكن بينهم قتال إلا أن سعد بن أبى وقاص قد رمى يومئذ بسهم، فكان أول سهم رمى به في سبيل الله في الإسلام. ثم انصرف القوم عن القوم وللمسلمين حامية وفر من المشركين إلى المسلمين المقداد بن عمرو البهراني حليف بنى زهرة، وعتبة بن غزوان بن جابر المازني حليف بنى نوفل بن عبد مناف، وكانا مسلمين ولكنهما خرجا ليتوصلا بالكفار. قال ابن إسحاق: وكان على المشركين يومئذ عكرمة بن أبى جهل وروى ابن هشام عن أبى عمرو بن العلاء (١) عن أبى عمرو المدني أنه قال: كان عليهم مكرز بن حفص.
قلت: وقد تقدم عن حكاية الواقدي قولان، أحدهما أنه مكرز، والثاني أنه أبو سفيان صخر بن حرب وأنه رجح أنه أبو سفيان فالله أعلم. ثم ذكر ابن إسحاق القصيدة المنسوبة إلى أبى [بكر] الصديق في هذه السرية التي أولها: