مسرعا لا نظر إلى رسول الله ﷺ ما فعل، قال فجئت فإذا هو ساجد يقول «يا حي يا قيوم يا حي يا قيوم» لا يزيد عليها فرجعت إلى القتال ثم جئت وهو ساجد يقول ذلك أيضا، فذهبت إلى القتال ثم جئت وهو ساجد يقول ذلك أيضا، حتى فتح الله على يده. وقد رواه النسائي في اليوم والليلة عن بندار عن عبيد الله بن عبد المجيد أبى على الحنفي.
وقال الأعمش عن أبى إسحاق عن أبى عبيدة عن عبد الله بن مسعود. قال ما سمعت مناشدا ينشد أشد من مناشدة محمد ﷺ يوم بدر، جعل يقول «اللهمّ إني أنشدك عهدك ووعدك، اللهمّ إن تهلك هذه العصابة لا تعبد» ثم التفت وكأن شق وجهه القمر. وقال «كأنى انظر إلى مصارع القوم عشية» رواه النسائي من حديث الأعمش به.
وقال لما التقينا يوم بدر قام رسول الله ﷺ فما رأيت مناشدا ينشد حقا له أشد مناشدة من رسول الله ﷺ وذكره. وقد ثبت إخباره ﵇ بمواضع مصارع رءوس المشركين يوم بدر في صحيح مسلم عن أنس بن مالك كما تقدم، وسيأتي في صحيح مسلم أيضا عن عمر بن الخطاب. ومقتضى حديث ابن مسعود أنه أخبر بذلك يوم الوقعة وهو مناسب، وفي الحديثين الآخرين عن أنس وعمر ما يدل على أنه أخبر بذلك قبل ذلك بيوم ولا مانع من الجمع بين ذلك بأن يخبر به قبل بيوم وأكثر، وان يخبر به قبل ذلك بساعة يوم الوقعة والله أعلم. وقد
روى البخاري من طرق عن خالد الحذاء عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي ﷺ قال وهو في قبة له يوم بدر «اللهمّ أنشدك عهدك ووعدك، اللهمّ إن شئت لم تعبد بعد اليوم أبدا» فاخذ أبو بكر بيده وقال حسبك يا رسول الله ألححت على ربك فخرج وهو يثب في الدرع وهو يقول ﴿سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ * بَلِ السّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ﴾ وهذه الآية مكية وقد جاء تصديقها يوم بدر كما
رواه ابن أبى حاتم حدثنا أبى ثنا أبو الربيع الزهراني ثنا حماد عن أيوب عن عكرمة قال لما نزلت ﴿سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ﴾ قال عمر: أي جمع يهزم وأي جمع يغلب؟ قال عمر فلما كان يوم بدر رأيت رسول الله ﷺ يثبت في الدرع وهو يقول ﴿سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ * بَلِ السّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ﴾ فعرفت تأويلها يومئذ وروى البخاري من طريق ابن جريج عن يوسف بن ماهان سمع عائشة تقول نزل على محمد بمكة - وإني لجارية العب - ﴿بَلِ السّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ﴾.
قال ابن إسحاق: وجعل رسول الله ﷺ يناشد ربه ما وعده من النصر ويقول فيما يقول «اللهمّ إن تهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد» وأبو بكر يقول: يا نبي الله بعض مناشدتك ربك فان الله منجز لك ما وعدك، وقد خفق النبي ﷺ[خفقة] وهو في العريش ثم انتبه فقال: «أبشر يا أبا بكر أتاك نصر الله، هذا جبريل آخذ بعنان فرسه يقوده على ثناياه النقع» يعنى الغبار. قال ثم خرج رسول الله ﷺ إلى الناس فحرضهم. وقال «والّذي نفس محمد بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل