للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وقال إسحاق بن راهويه حدثنا وهب بن جرير بن حازم حدثني أبى عن محمد بن إسحاق حدثني أبى عن جبير بن مطعم. قال: رأيت قبل هزيمة القوم - والناس يقتلون - مثل البجاد الأسود قد نزل من السماء مثل النمل الأسود، فلم أشك أنها الملائكة فلم يكن إلا هزيمة القوم] (١) ولما تنزلت الملائكة للنصر ورآهم رسول الله حين أغفى إغفاءة ثم استيقظ وبشر بذلك أبا بكر وقال «أبشر يا أبا بكر هذا جبريل يقود فرسه على ثناياه النقع» يعنى من المعركة ثم خرج رسول الله من العريش في الدرع فجعل يحرض على القتال ويبشر الناس بالجنة ويشجعهم بنزول الملائكة والناس بعد على مصافهم لم يحملوا على عدوهم حصل لهم السكينة والطمأنينة وقد حصل النعاس الّذي هو دليل على الطمأنينة والثبات والايمان، كما قال ﴿إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ﴾ وهذا كما حصل لهم بعد ذلك يوم أحد بنص القرآن، ولهذا قال ابن مسعود: النعاس في المصاف من الايمان، والنعاس في الصلاة من النفاق. وقال الله تعالى ﴿إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ﴾. قال الامام احمد: حدثنا يزيد ابن هارون ثنا محمد بن إسحاق حدثني الزهري عن عبد الله بن ثعلبة أن أبا جهل قال - حين التقى القوم - اللهمّ أقطعنا للرحم وآتانا بما لا نعرف فأحنه الغداة. فكان هو المستفتح وكذا ذكره ابن إسحاق في السيرة ورواه النسائي من طريق صالح بن كيسان عن الزهري، ورواه الحاكم من حديث الزهري أيضا ثم قال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.

وقال الأموي حدثنا أسباط بن محمد القريشي عن عطية عن مطرف في قوله ﴿إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ﴾ قال قال أبو جهل: اللهمّ [أعن] أعز الفئتين، وأكرم القبيلتين، وأكثر الفريقين.

فنزلت ﴿إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ﴾

وقال على بن أبى طلحة عن ابن عباس في قوله ﴿وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ﴾ قال أقبلت عير أهل مكة تريد الشام فبلغ ذلك أهل المدينة فخرجوا ومعهم رسول الله يريدون العير، فبلغ ذلك أهل مكة فأسرعوا اليها لكيلا يغلب عليها النبي وأصحابه فسبقت العير رسول الله وكان الله قد وعدهم احدى الطائفتين، وكانوا يحبون أن يلقوا العير، وسار رسول الله بالمسلمين يريد القوم، وكره القوم مسيرهم لشوكة القوم. فنزل النبي والمسلمون، وبينهم وبين الماء رملة دعصة فأصاب المسلمون ضعف شديد وألقى الشيطان في قلوبهم الغيظ يوسوسهم تزعمون أنكم أولياء الله وفيكم رسوله، وقد غلبكم المشركون على الماء وأنتم كذا! فأمطر الله عليهم مطرا شديدا فشرب المسلمون وتطهروا فاذهب الله عنهم رجز الشيطان فصار الرمل لبدا ومشى الناس عليه والدواب، فساروا إلى القوم وأيد الله نبيه والمؤمنين بألف من


(١) ما بين المربعين سقط من المصرية.

<<  <  ج: ص:  >  >>