للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونحن نسمع صوتا كوقع الحصى في الطاس في أفئدتنا ومن خلفنا، وكان ذلك من أشد الرعب علينا.

وقال الأموي حدثنا أبى ثنا ابن أبى إسحاق حدثني الزهري عن عبد الله بن ثعلبة بن صعير أن أبا جهل حين التقى القوم قال: اللهم أقطعنا للرحم وآتانا بما لا نعرف فأحنه الغداة. فكان هو المستفتح. فبينما هم على تلك الحال وقد شجع الله المسلمين على لقاء عدوهم وقللهم في أعينهم حتى طمعوا فيهم، خفق رسول الله خفقة في العريش ثم انتبه فقال «أبشر يا أبا بكر هذا جبريل معتجر بعمامته آخذ بعنان فرسه يقوده على ثناياه النقع أتاك نصر الله وعدته» وأمر رسول الله فاخذ كفا من الحصى بيده ثم خرج فاستقبل القوم فقال «شاهت الوجوه» ثم نفحهم بها ثم قال لأصحابه «احملوا فلم تكن إلا الهزيمة» فقتل الله من قتل من صناديدهم، وأسر من أسر منهم. وقال زياد عن ابن إسحاق ثم إن رسول الله أخذ حنفة من الحصباء فاستقبل بها قريشا ثم قال «شاهت الوجوه» ثم نفحهم بها وأمر أصحابه فقال «شدوا» فكانت الهزيمة، فقتل الله من قتل من صناديد قريش، وأسر من أسر من أشرافهم.

وقال السدي الكبير قال رسول الله لعلى يوم بدر «أعطنى حصباء من الأرض» فناوله حصباء عليها تراب فرمى به في وجوه القوم فلم يبق مشرك الا دخل في عينيه من ذلك التراب شيء، ثم ردفهم المسلمون يقتلونهم ويأسرونهم وأنزل الله في ذلك ﴿فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ، وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى﴾ وهكذا قال عروة وعكرمة ومجاهد ومحمد بن كعب ومحمد بن قيس وقتادة وابن زيد وغيرهم ان هذه الآية نزلت في ذلك يوم بدر، وقد فعل مثل ذلك في غزوة حنين كما سيأتي في موضعه إذا انتهينا اليه إن شاء الله وبه الثقة. وذكر ابن إسحاق أن رسول الله لما حرض أصحابه على القتال ورمى المشركين بما رماهم به من التراب وهزمهم الله تعالى صعد إلى العريش أيضا ومعه أبو بكر، ووقف سعد بن معاذ ومن معه من الأنصار على باب العريش ومعهم السيوف خيفة أن تكر راجعة من المشركين إلى النبي .

قال ابن إسحاق: ولما وضع القوم أيديهم يأسرون رأى رسول الله فيما ذكر لي - في وجه سعد بن معاذ الكراهية لما يصنع الناس، فقال له «كأنى بك يا سعد تكره ما يصنع القوم؟» قال أجل والله يا رسول الله كانت أول وقعة أوقعها الله بأهل الشرك، فكان الإثخان في القتل أحب إلى من استبقاء الرجال.

قال ابن إسحاق: وحدثني العباس بن عبد الله بن معبد عن بعض أهله عن عبد الله بن عباس أن النبي قال لأصحابه يومئذ «إني قد عرفت أن رجالا من بنى هاشم وغيرهم قد أخرجوا كرها لا حاجة لهم بقتالنا، فمن لقي منكم أحدا من بنى هاشم فلا يقتله ومن لقي أبا البختري بن هشام بن الحارث بن أسد فلا يقتله، ومن لقي العباس بن عبد المطلب عم رسول الله فلا يقتله، فإنه إنما خرج مستكرها» فقال أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة: أنقتل

<<  <  ج: ص:  >  >>