وقال حسان أيضا:
لقد علمت قريش يوم بدر … غداة الأسر والقتل الشديد
بأنّا حين تشتجر العوالي … حماة الحرب يوم أبى الوليد
قتلنا ابني ربيعة يوم سارا … إلينا في مضاعفة الحديد
وفر بها حكيم يوم جالت … بنو النجار تخطر كالأسود
وولت عند ذاك جموع فهر … وأسلمها الحويرث من بعيد
لتمد لاقيتموا ذلا وقتلا … جهيزا نافذا تحت الوريد
وكل القوم قد ولوا جميعا … ولم يلووا على الحسب التليد
وقالت هند بنت أثاثة بن عباد بن المطلب ترثى عبيدة بن الحارث بن المطلب:
لقد ضمّن الصفراء مجدا وسؤددا … وحلما أصيلا وافر اللب والعقل
عبيدة فابكيه لأضياف غربة … وأرملة تهوى لاشعث كالجذل
وبكيه للأقوام في كل شتوة … إذا احمر آفاق السماء من المحل
وبكيه للأيتام والريح زفزف … وتشبيب قدر طالما أزبدت تغلي
فان تصبح النيران قد مات ضوؤها … فقد كان يذكيهن بالحطب الجزل
لطارق ليل أو لملتمس القرى … ومستنبح أضحى لديه على رسل
وقال الأموي في مغازيه حدثني سعيد بن قطن قال قالت عاتكة بنت عبد المطلب في رؤياها التي رأت وتذكر بدرا:
ألمّا تكن رؤياي حقا ويأتكم … بتأويلها فلّ من القوم هارب
رأى فأتاكم باليقين الّذي رأى … بعينيه ما تفري السيوف القواضب
فقلتم ولم أكذب عليكم وإنما … يكذبني بالصدق من هو كاذب
وما جاء إلا رهبة الموت هاربا … حكيم وقد أعيت عليه المذاهب
أقامت سيوف الهند دون رءوسكم … وخطية فيها الشبا والتغالب
كأنّ حريق النار لمع ظباتها … إذا ما تعاطتها الليوث المشاغب
ألا بأبي يوم اللقاء محمدا … إذا عض من عون الحروب الغوارب
مري بالسيوف المرهفات نفوسكم … كفاحا كما تمرى السحاب الجنائب
فكم بردت أسيافه من مليكة … وزعزع ورد بعد ذلك صالب
فما بال قتلى في القليب ومثلهم … لدى ابن أخى أسرى له ما يضارب