القرح واشتكوا ذلك الى رسول الله ﷺ واشتد عليهم الّذي أصابهم وإن رسول الله ﷺ ندب الناس لينطلقوا بهم ويتبعوا ما كانوا متبعين وقال لنا ترتحلون الآن فتأتون الحج ولا يقدرون على مثلها حتى عام قابل فجاء الشيطان يخوف أولياءه فقال ان الناس قد جمعوا لكم فأبى عليه الناس أن يتبعوه فقال أنى ذاهب وإن لم يتبعني أحد فانتدب معه أبو بكر وعمر وعثمان وعلى وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة وابن مسعود وحذيفة في سبعين رجلا فساروا في طلب أبى سفيان حتى بلغوا الصفراء فأنزل الله ﴿الَّذِينَ اِسْتَجابُوا لِلّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاِتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ وهذا غريب أيضا
وقال ابن هشام:
حدّثنا أبو عبيدة أن أبا سفيان بن حرب لما انصرف يوم أحد أراد الرجوع الى المدينة فقال لهم صفوان بن أمية لا تفعلوا فان القوم قد حربوا وقد خشينا أن يكون لهم قتال غير الّذي كان فارجعوا فرجعوا فقال النبي ﷺ وهو بحمراء الأسد حين بلغه أنهم هموا بالرجعة «والّذي نفسي بيده لقد سوّمت لهم حجارة لو صبحوا بها لكانوا كأمس الذاهب» قال: وأخذ رسول الله ﷺ في وجهه ذلك قبل رجوعه المدينة معاوية بن المغيرة بن أبى العاص بن أمية بن عبد شمس جد عبد الملك بن مروان لامه عائشة بنت معاوية وأبا عزّة الجمحيّ وكان رسول الله ﷺ قد أسره ببدر ثم منّ عليه فقال يا رسول الله أقلنى، فقال: لا والله لا تمسح عارضيك بمكة تقول خدعت محمدا مرتين، اضرب عنقه يا زبير، فضرب عنقه.
قال ابن هشام: وبلغني عن ابن المسيب أنه قال:
قال رسول الله ﷺ«ان المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، اضرب عنقه يا عاصم بن ثابت، فضرب عنقه» وذكر ابن هشام أن معاوية بن المغيرة بن أبى العاص استأمن له عثمان على أن لا يقيم بعد ثلاث فبعث رسول الله ﷺ بعدها زيد بن حارثة وعمار بن ياسر وقال: ستجدانه في مكان كذا وكذا فاقتلاه ففعلا ﵄. قال ابن إسحاق: ولما رجع رسول الله ﷺ الى المدينة كان عبد الله بن أبىّ كما حدثني الزهري له مقام يقومه كل جمعة لا ينكر له شرفا في نفسه وفي قومه وكان فيهم شريفا إذا جلس رسول الله ﷺ يوم الجمعة وهو يخطب الناس قام فقال: أيها الناس، هذا رسول الله بين أظهركم أكرمكم الله به وأعزكم به فانصروه وعززوه واسمعوا له وأطيعوا. ثم يجلس حتى إذا صنع يوم أحد ما صنع ورجع الناس قام يفعل ذلك كما كان يفعله فأخذ المسلمون بثيابه من نواحيه وقالوا اجلس أي عدو الله والله لست لذلك بأهل وقد صنعت ما صنعت فخرج يتخطّى رقاب الناس وهو يقول والله لكأنما قلت بجرا أن قمت أشدد أمره. فلقيه رجال من الأنصار بباب المسجد فقالوا: ويلك مالك؟ قال: قمت أشدد أمره فوثب الى رجال من أصحابه يجبذوننى ويعنفوننى لكأنما قلت بجرا أن قمت أشدد أمره. قالوا ويلك ارجع يستغفر لك رسول الله ﷺ. قال: والله ما أبغى