حديثه «ان الله فوق عرشه وعرشه فوق سماواته» وساق الحديث. وقال عبد الأعلى وابن المثنى وابن بشار عن يعقوب بن عقبة وجبير بن محمد بن جبير عن أبيه عن جده، قال أبو داود والحديث باسناد أحمد بن سعيد وهو الصحيح. وافقه عليه جماعة منهم يحيى بن معين وعلى بن المديني ورواه جماعة منهم عن ابن إسحاق كما قال احمد أيضا، وكان سماع عبد الأعلى وابن المثنى وابن بشار في نسخة واحدة فيما بلغني. تفرد بإخراجها أبو داود، وقد صنف الحافظ أبو القاسم بن عساكر الدمشقيّ جزءا في الرد على هذا الحديث. سماه (ببيان الوهم والتخليط الواقع في حديث الأطيط) واستفرغ وسعه في الطعن على محمد بن إسحاق بن بشار راويه. وذكر كلام الناس فيه، ولكن قد روى هذا اللفظ من طريق أخرى عن غير محمد بن إسحاق،
فرواه عبد بن حميد وابن جرير في تفسيريهما، وابن أبى عاصم والطبراني في كتابي السنة لهما، والبزار في مسندة والحافظ الضياء المقدسي في مختارته من طريق أبى إسحاق السبيعي عن عبد الله بن خليفة عن عمر بن الخطاب ﵁ قال «أتت امرأة الى رسول الله ﷺ فقالت ادع الله أن يدخلني الجنة قال فعظم الرب ﵎ وقال «ان كرسيه وسع السموات والأرض وإن له أطيطا كأطيط الرحل الجديد من ثقله. عبد الله بن خليفة هذا ليس بذاك المشهور. وفي سماعه من عمر نظر. ثم منهم من يرويه موقوفا ومرسلا، ومنهم من يزيد فيه زيادة غريبة والله أعلم *
وثبت في صحيح البخاري عن رسول الله ﷺ أنه قال «إذا سألتم الله الجنة فسلوه الفردوس فإنه أعلى الجنة وأوسط الجنة وفوقه عرش الرحمن». يروى وفوقه بالفتح على الظرفية، وبالضم. قال شيخنا الحافظ المزي وهو أحسن، أي وأعلاها عرش الرحمن. وقد جاء في بعض الآثار (أن أهل الفردوس يسمعون أطيط العرش وهو تسبيحه وتعظيمه) وما ذاك الا لقربهم منه.
وفي الصحيح أن رسول الله ﷺ قال «لقد اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ. وذكر الحافظ بن الحافظ محمد ابن عثمان بن أبي شيبة في كتاب صفة العرش عن بعض السلف «أن العرش مخلوق من ياقوتة حمراء بعد ما بين قطريه مسيرة خمسين ألف سنة» وذكرنا عند قوله تعالى «تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ» أنه بعد ما بين العرش الى الأرض السابعة مسيرة خمسين ألف سنة واتساعه خمسون ألف سنة. وقد ذهب طائفة من أهل الكلام الى أن العرش فلك مستدير من جميع جوانبه محيط بالعالم من كل جهة ولذا سموه الفلك التاسع والفلك الأطلس والأثير. وهذا ليس بجيد لانه قد ثبت في الشرع أن له قوائم تحمله الملائكة، والفلك لا يكون له قوائم ولا يحمل، وأيضا فإنه فوق الجنة والجنة فوق السموات وفيها مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض فالبعد الّذي بينه وبين الكرسي ليس هو نسبة فلك الى فلك. وأيضا فان العرش في اللغة عبارة عن السرير