عَذابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ وقد كانت سجاياهم الكفر الغليظ والعناد البالغ في الدنيا وهكذا في الآخرة فإنهم يجحدون أيضا أن يكون جاءهم رسول كما
قال البخاري حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا الأعمش عن أبى صالح عن أبى سعيد قال قال رسول الله ﷺ(يجيء نوح ﵇ وأمته فيقول الله ﷿ هل بلغت فيقول نعم أي رب فيقول لأمته هل بلغكم فيقولون لا ما جاءنا من نبي فيقول لنوح من يشهد لك فيقول محمد وأمته فتشهد أنه قد بلغ) وهو قوله ﴿وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً﴾.
والوسط العدل. فهذه الأمة تشهد على شهادة نبيها الصادق المصدوق بأن الله قد بعث نوحا بالحق وأنزل عليه الحق وأمره به وأنه بلغه الى أمته على أكمل الوجوه وأتمها ولم يدع شيئا مما ينفعهم في دينهم الا وقد أمرهم به ولا شيئا مما قد يضرهم الا وقد نهاهم عنه وحذرهم منه * وهكذا شأن جميع الرسل حتى أنه حذر قومه المسيح الدجال وان كان لا يتوقع خروجه في زمانهم حذرا عليهم وشفقة ورحمة بهم كما
قال البخاري حدثنا عبدان حدثنا عبد الله عن يونس عن الزهري قال سالم قال ابن عمر قام رسول الله ﷺ في الناس فأثنى على الله بما هو أهله. ثم ذكر الدجال فقال (إني لأنذركموه وما من نبي الا وقد أنذره قومه. لقد أنذره نوح قومه ولكنى أقول لكم فيه قولا لم يقله نبي لقومه تعلمون أنه أعور وأن الله ليس باعور) وهذا الحديث
في الصحيحين أيضا من حديث شيبان بن عبد الرحمن عن يحيى ابن أبى كثير عن أبى سلمة بن عبد الرحمن عن أبى هريرة عن النبي ﷺ قال (الا أحدثكم عن الدجال حديثا ما حدث به نبي قومه انه أعور وانه يجيء معه بمثال الجنة والنار والتي يقول عليها الجنة هي النار وانى أنذركم كما أنذر به نوح قومه) لفظ البخاري.
وقد قال بعض علماء السلف لما استجاب الله له أمره ان يغرس شجرا ليعمل منه السفينة فغرسه وانتظره مائة سنة ثم نجره في مائة أخرى وقيل في أربعين سنة فالله أعلم * قال محمد بن إسحاق عن الثوري وكانت من خشب الساج * وقيل من الصنوبر. وهو نص التوراة. قال الثوري وأمره أن يجعل طولها ثمانين ذراعا وعرضها خمسين ذراعا وان يطلى ظاهرها وباطنها بالقار وان يجعل لها جؤجؤا أزور يشق الماء * وقال قتادة كان طولها ثلاثمائة ذراع في عرض خمسين ذراعا وهذا الّذي في التوراة على ما رأيته * وقال الحسن البصري ستمائة في عرض ثلاثمائة وعن ابن عباس ألف ومائتا ذراع في عرض ستمائة ذراع * وقيل كان طولها ألفي ذراع وعرضها مائة ذراع. قالوا كلهم وكان ارتفاعها ثلاثين ذراعا وكانت ثلاث طبقات. كل واحدة عشرة أذرع. فالسفلى للدواب والوحوش والوسطى للناس والعليا للطيور وكان بابها في عرضها ولها غطاء من فوقها مطبق عليها * قال الله تعالى ﴿قالَ رَبِّ اُنْصُرْنِي بِما كَذَّبُونِ * فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ أَنِ اِصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا﴾ أي بأمرنا لك وبمرأى منا لصنعتك لها ومشاهدتنا لذلك