فتلك بنو النضير بدار سوء … أبارهم بما اجترموا المبير
غداة أتاهم في الزحف رهوا … رسول الله وهو بهم بصير
وغسان الحماة مؤازروه … على الأعداء وهو لهم وزير
فقال السلم ويحكم فصدوا … وخالف أمرهم كذب وزور
فذاقوا غب أمرهم وبالا … لكل ثلاثة منهم بعير
وأجلوا عامدين لقينقاع … وغودر منهم نخل ودور
وقد ذكر ابن إسحاق جوابها لشمال اليهودي، فتركناها قصدا. قال ابن إسحاق: وكان مما قيل في بنى النضير قول ابن لقيم العبسيّ، ويقال قالها قيس بن بحر بن طريف الأشجعي:
أهلي فداء لامرئ غير هالك … أحلّ اليهود بالحسي المزنّم
يقيلون في خمر العضاة وبدلوا … أهيضب عودا بالودى المكمم
فان يك ظني صادقا بمحمد … تروا خيله بين الصلا ويرمرم
يؤم بها عمرو بن بهثة انهم … عدو وما حىّ صديق كمجرم
عليهنّ أبطال مساعير في الوغى … يهزون أطراف الوشيج المقوّم
وكل رقيق الشفرتين مهند … توورثن من أزمان عاد وجرهم
فمن مبلغ عنى قريشا رسالة … فهل بعدهم في المجد من متكرم
بأن أخاهم فاعلمنّ محمدا … تليد الندى بين الحجون وزمزم
فدينوا له بالحق تجسم أموركم … وتسمو من الدنيا الى كل معظم
نبي تلافته من الله رحمة … ولا تسألوه أمر غيب مرجّم
فقد كان في بدر لعمري عبرة … لكم يا قريش والقليب الملمم
غداة أتى في الخزرجية عامدا … إليكم مطيعا للعظيم المكرم
معانا بروح القدس ينكى عدوه … رسولا من الرحمن حقا بمعلم
رسولا من الرحمن يتلو كتابه … فلما أنار الحق لم يتلعثم
أرى أمره يزداد في كل موطن … علوا لأمر حمّه الله محكم
قال ابن إسحاق وقال على بن أبى طالب، وقال ابن هشام قالها رجل من المسلمين ولم أر أحدا يعرفها لعلى:
عرفت ومن يعتدل يعرف … وأيقنت حقا ولم أصدف